(فيسبوا الله عدوا بغير علم) هذه العبارة يحتمل وجهين أحدهما ما ذكر الفاضل الأمين الأسترآبادي: وهو أنهم يسبون من رباكم ومن علمكم السب ومن المعلوم أن المربي والمعلم هو الله تعالى بواسطة النبي وآله عليهم السلام فينتهي سبهم إلى الله من غير علمهم به وثانيهما أنهم يسبون أولياء الله كما دل عليه بعض الروايات صريحا ودل عليه أيضا ظاهر هذه الرواية كما أشار إليه بقوله: (وقد ينبغي لكم أن تعلموا حد سبهم لله) أي معناه كيف هو.
(أنه من سب أولياء الله فقد انتهك سب الله) أي دخل فيه وتناوله وقد عد سبهم سب الله تعظيما لهم من ذلك ونظيره في آخر كتاب التوحيد.
(ومن أظلم عند الله ممن استسب الله ولأوليائه) قال الفاضل الأسترآبادي: فيه دلالة واضحة على أنه لا يجوز السب حيث يسمعون مطلقا عند الخوف والأمن.
(فمهلا مهلا) منصوب مقدر والتكرير للمبالغة، والمهل بالتسكين الرفق بالتحريك الثاني ويطلق على الواحد والاثنين والجمع المذكر والمؤنث (فاتبعوا أمر الله) في جميع الأمور ومنها الولاية والمجاملة مع الناس والتقية منهم.
(وقال: أيتها العصابة الحافظ الله لهم أمرهم) الدنيوي والأخروي والجملة الوصفية إما دعائية أو خبرية وإشارة إلى أنه ينبغي التوسل بالله وحفظه في جميع الأمور وعدم الاعتماد بحولهم وقوتهم (عليكم بآثار رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعده.. آه) أي بأحاديثه وأحاديث الأئمة عليهم السلام أو بطريقتهم وهي عدم التكلم في الدين بالرأي والقياس.
(وقد قال أبونا رسول الله (صلى الله عليه وآله): المداومة على العمل في اتباع الآثار والسنن وإن قل أرضى لله..
آه) لأن القليل المداوم عليه إذا كان موافقا للقانون الشرعي يوجب القرب ويوصل إلى المطلوب بخلاف الكثير المخالف له; واسم التفضيل على معناه بفرض الفعل في المفضل عليه (إلا أن اتباع الأهواء) كما هو شأن أتباعهم (بغير هدى من الله) تأكيد لأن اتباع الأهواء والبدع يكونان بغير هدى من الله قطعا (ضلال وكل ضلالة بدعة وكل بدعة في النار) فيه ترغيب في ترك الآراء المخترعة والأهواء المبتدعة معللا بأن اتباعهما ضلالة وأن الضلالة توجب الدخول في النار لان التمسك بها يقود إلى حمل أثقال الخطايا وقد ذكر نظير ذلك في كتب العامة روى مسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله) «إن شر الأمور محدثاتها وكل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة» قال المازري: البدعة ما أحدثت ولم يسبق لها مثال وحديث كل بدعة في النار من العام المخصوص لأن من البدع واجب كترتيب الأدلة على طريقة المتكلمين للرد على الملاحدة ومنها مندوب كبناء المدارس والزوايا. ومنها مباح كالبسط في أنواع الأطعمة والأشربة.