وتخصيص المساكين بالذكر لزيادة الاهتمام بحالهم أو للكشف والإيضاح فإن المسلمين وهم المؤمنون كلهم مساكين في دولة الباطل على تفاوت درجاتهم ومن المحبة لهم أن تحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك.
هر كسى را لقب مكن مؤمن * گرچه از سعى جان وتن كاهد تا نخواهد برادر خود را * آنچه از بهر خويشتن خواهد (فإنه من حقرهم وتكبر عليهم) حقره حقرا كضربه ضربا وحقره تحقيرا إذا أذله وأهانه. وتكبر عليهم إذا تعظم وترفع عليهم بأن يرى نفسه أعظم وأرفع منهم والتحقير والتكبر متلازمان مهلكان خصوصا إذا ظهر آثارهما بالجوارح واللسان.
(فقد زل عن دين الله) أي عن أصله أو عن كماله إن سلمت عاقبته (والله له حاقر ماقت) يفعل به ما يوجب ذله وأهانته ويعاقبه ويسلب عنه رحمته وقد كرر الأمر بحب المسلمين المؤمنين لأنهم عياله وعيال الله وغرباء فقراء في هذه الدار فاقتضى المقام المبالغة فيه لشده الاهتمام والإغتمام بحالهم.
(واعلموا أن من حقر أحدا من المسلمين ألقى الله عليه المقت منه والمحقرة) وهي بالفتح المذلة (حتى يمقته الناس) أو المراد بهم الأنبياء والأوصياء والصلحاء أو الأعم لأن الفساق و المتكبرين يمقتون المتكبر، والفاسق قد يذم الفاسق وهو غافل عن فسقه.
(فإن لهم عليكم حقا أن تحبوهم) أي بأن تحبوهم وحذف الجار في مثله قياس وهو بدل عن حقا وهو من الغاوين الذين أوعد الله عليهم بالنار قال: (فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون) (وإياكم والعظمة والكبر) العطف للتفسير أو العظمة عبارة عن اعتبار كمال ذاته ووجوده وصفاته والكبر هذا مع اعتبار فضله على الغير.
(فإن الكبر رداء الله) شبه الكبر وهو العظمة بحسب الذات والصفات والرفعة على الغير من جميع الجهات بالرداء في الإحاطة والشمول فهي موجودة في المشبه تخييلا وفي المشبه به تحقيقا أو في الإختصاص لأن رداء كل شخص مختص به لا يشاركه غيره والمقصود من هذا التشبيه إخراج المعقول إلى المحسوس لقصد الإيضاح والإفهام.
(فمن نازع الله رداءه قصمه الله) أي كسره (وأذله يوم القيامة) وفي الخبر: «أنه يجعل في صورة الذر يتوطأه الناس حتى يفرع الله من الحساب».
(وإياكم أن يبغى بعضكم على بعض فإنها ليست من خصال الصالحين) ضمير التأنيث راجع إلى البغي باعتبار الخصلة وهو الظلم والميل عن الحق والترفع والاستطالة والكذب والخروج عن