(واعلموا أن ما أمر الله به أن يجتنبوه فقد حرمه) على أن الأوامر القرآنية للوجوب إلا ما أخرجه الدليل وتخصيص الأمر بصيغة اجتنبوا أو حمل التحريم على الأعم من معناه الحقيقي والتنزيهي محتمل بعيد، ويمكن أن يراد بالأمر باجتناب الطاغوت.
(واتبعوا آثار سول الله وسنته فخذوا بها) أمر باتباع آثاره وسنته على وجه العموم وأعظمها أثرا الولاية كما يرشد إليه قوله:
(ولا تتبعوا أهوائكم وآرائكم) في أصول الدين وفروعه خصوصا في الأمة (فتضلوا) من الحق، ثم علل ذلك بقوله:
(فإن أضل الناس عند الله من ابتع هواء ورأيه بغير هدى من الله) الظرف حال عن فاعل أتبع أي متمسكا بغير هاد منصوب من قبل الله تعالى يدل على ذلك ما رواه أيضا في باب من دان الله عز وجل بغير إمام من الله بإسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن (عليه السلام) في قول الله عز وجل (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) قال: يعني من اتخذ دينه رأيه بغير إمام من أئمة الهدى. وتعميمه بشموله آثار رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسنته محتمل.
(وأحسنوا إلى أنفسكم ما استطعتم) المراد بالإحسان إليها الإتيان بما ينفعها يوم القيامة وتهذيب الظاهر والباطن عن الأخلاق والأعمال الفاسدة وتزيينها بالأخلاق والأعمال الفاضلة.
(فإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) رغب في الإحسان وترك الإساءة بأن النفع والضرر راجعان إليكم لا إلى غيركم والعلم به محرك عظيم إلى الإحسان لأن كل أحد يطلب النفع له ويدفع الضر عنه (وجاملوا الناس ولا تحملوهم على رقابكم) جاملوا بالجيم أو الحاء المهملة كما مر وفيه إشارة إلى حسن المعاشرة معهم ظاهرا ولابد منه فإن النفوس العاصية المطيعة لإبليس وجنوده إن وقع الافتراق منهم بالمرة أو وقع المخالطة معهم على وجه الشقاق وإظهار العداوة وثبوا لما فيهم من الغواية والضلالة والغلظة وخشونة الوجه وقلة الحياء إلى الأذى والضرب والشتم والقتل والنهب والمعاشر على هذا الوجه فرد من الطاعة مضافا إلى الرب ظاهرا وباطنا وبه يتم نظام الدين والدنيا جميعا كما أشار إليه بقوله:
(تجمعوا مع ذلك طاعة ربكم) تجمعوا مجزوم بالشرط المقدر بعد الأمر وذلك إشارة إلى الأمر المستفاد من الكلام السابق والمراد بالطاعة التقية أو الأعم منها ومن غيرها (وإياكم وسب أعداء الله..) إلخ أي أئمة الجور وأتباعهم.
(حيث يسمعونكم) دل على جواز الشتم حيث لا يسمعونه ويجوز أن يقرأ بضم الياء من أسمعه إذا شتمه فدل على النهي عن شتمهم مع شتمهم إياكم فكيف مع عدمه.