الأربعين وإنما سماهم بها لشرافتهم وتعصبهم في الدين مع قلتهم (إن أتم الله لكم ما أعطاكم به) من الإيمان به وبرسوله وبأئمة الهدى (فإنه لا يتم الأمر) أي أمر الدين والثبات عليه والثواب والجزاء الأوفى:
(حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم) من الابتلاء والامتحان والشدايد كما قال عز وجل (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا أن نصر الله قريب) (حتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم) بالمصائب والمحن والنوائب والفتن والأمراض والأسقام والبلايا والآلام والجهاد مع الكفار وتلف الأموال والنقص والنهب والغصب وأداء الحقوق الواجبة والمندوبة والإنفاق في وجوه البر كما قال عز شأنه: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين).
(وحتى تسمعوا من أعداء الله أذى كثيرا) أي كلاما كثيرا يؤذيكم بالسب والشتم واللعن والقذف والتحريش والغيبة والبهتان ونحوها.
(فتصبروا) على ذلك كما صبر الصالحون قبلكم (وتعركوا بجنوبكم) أي تحملوا الأذى منهم بجنوبكم كما يحمل البعير حمله يقال هو يعرك الأذى بجنبه أي يتحمله وفيه إشارة إلى قوله تعالى:
(لنبلونكم في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور).
(وحتى يستذلوكم) بكل وجه يمكن أو المراد يروكم أذلاء يقال استذله أي رآه ذليلا (ويبغضوكم) البغض ضد الحب وأشد العداوة وفعله من باب كرم ونصر وفرح.
(وحتى يحملوا عليكم الضيم) من كل جهة توجبه (فتحملوا منهم) من التحمل بحذف احدى التائين يقال حملة الأمر تحميلا فتحمله تحملا.
(تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة) الجملة في محصل النصب على الحال من فاعل تحملوه والإلتماس الطلب وذلك إشارة إلى الصبر على ما ذكر وتحمل الضيم والوجه الذات والجانب والثواب، والدار الآخرة الجنة ومنازلها الرفيعة التي أعدت للصابرين.
(وحتى تكظموا الغيظ في الأذى في الله) أي في سبيل الله، وكظم الغيظ تجرعه واحتمال سببه والصبر عليه وحبس النفس فيه مهما أمكن ولفظ «في» الثاني متعلق بالأذى و «في» الأول متعلق بتكظموا أو بالغيظ وهي للظرفية مجازا أو بمعنى الباء في الأخير.
(تجترمونه إليكم) حال من فاعل تكظموا والإجترام بالجيم الكسب وفي القاموس اجترم