تقديرا بمعنى والاسم القدر بفتحتين والمراد بالخير نعيم الجنان وما فوقها وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وإذا كان كذلك فكيف يقدر أحد يقدر قدره ويبين مقداره ويبلغ كنهه؟!
(فاشغلوا ألسنتكم بذلك.. إلى آخره) الشغل بالضم وضمتين ضد الفراغ. شغله كمنعه وأشغله لغة، و «ذلك» إشارة إلى ما ذكر من الكلام النافع وإكثار التهليل وما بعده، وفيه إشارة إلى وجه الفرار من الكلام الباطل بجعل اللسان مشغولا بما ذكر دائما أو في أكثر الأوقات فإن شغله بذلك مانع من صدور ضده ضرورة لأن ما ذكر حينئذ يصير عادة وهي أيضا مانعة منه، ثم أن أريد بأقاويل الباطل ما يوجب الخروج من الإيمان فالخلود ظاهر، وإن أريد بها ما لا يوجبه فالمراد بالخلود طول الزمان واستعماله فيه شايع.
(من مات عليها ولم يتب إلى الله) توبة خالصة يوجب الخروج تبعتها وعدم الرجوع إليها كما أشار إليه بقوله:
(ولم ينزع عنها) فإن التوبة بدون ذلك غير نافعة بل هي استهزاء، وينبغي لمن ابتلي بالمعصية أن يذكر الله تعالى ويتداركها بالتوبة ولا يؤخرها فإن تأخيرها معصية أخرى وأحسن التوبة توبة الشبان وهي تورث محبة الله تعالى وأما توبة الشيوخ وهي وإن كانت مقبولة أيضا لكنه بعد في مقام التقصير، وقد قيل: إن الشيخ الهرم إذا تاب قالت له الملائكة الآن وقد خمدت حواسك وبردت أنفاسك.
(وعليكم بالدعاء) لأنفسكم ولأخوانكم بظهر الغيب فإن الدعاء لهم في نجاح حوائجهم كما دلت عليه الروايات ففي بعضها «لكم مثلا ما دعوتم لهم» وفي بعضها «مائة ألف ضعف».
(فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج) الدنيوية والأخروية، النجاح بالفتح الظفر بالمطلوب واصابته والحوايج جمع الحاجة على غير قياس أو مولدة.
(عند ربهم بأفضل من الدعاء) المقصود أن الدعاء أفضل من غيره في إصابة الحوايج وذلك ظاهر لأنه من عرف أنه تعالى كريم رحيم قادر بمصالح العباد وغيرها وأنه لا ينفعه المنع ولا يضره الإعطاء ورجع إلى العقل والنقل والتجربة والوعد علم أنه إذا رفع حاجته المشروعة إليه تعالى بقلب تقي نقي ونية خالصة كانت مقرونة بالإجابة وأما غيره من الوسائل مثل الاعتماد بالكسب والرجوع إلى الخلق فلا علم له بترتب الحاجة عليه وعلى تقدير ترتبها فهو وسيلة أيضا بأذن الله تعالى فالدعاء أفضل منه وأصل لجميع الحاجات.
(والرغبة إليه) في الخيرات كلها (والتضرع) إليه في تحصيلها (والمسئلة له) هي والسؤال