إليها مع أن تلك اللذات وإن كانت حلالا ينبغي تركها فكيف إذا كانت حراما لبقاء خسارتها بعد زوالها كما أشار إليه بقوله:
(ويل لأولئك) الويل حلول الشر والفضيحة وكلمة العذاب أو واد في جهنم أو بئر فيها أو باب لها، ولاحظ في الموصول الأفراد سابقا والجمع هنا نظرا إلى اللفظ والمعنى.
(ما أخيب حظهم) الخيبة الحرمان و «ما» للتعجب أي أي شيء عظيم قبيح لا يدرك حقيقة قبحه عقول العقلاء يجعل حظهم خائبا من الوصل إليهم أن أريد به الحظ المقدر لهم في الجنة بشرط الطاعة أو من رحمة الله أن أريد به الحظ الواصل إليهم بالمعصية ويستلزم ذلك خيبتهم منها أيضا وقس عليه قوله: (أخسر كرتهم) أي رجوعهم إلى الله تعالى فإن خسران الكرة مستلزم لخسرانهم أيضا وإسناد الخيبة إلى الحظ والخسران إلى الكرة اسناد مجازي.
(وأسوء حالهم عند ربهم يوم القيامة) حين شاهدوا ما أعد لهم من العقوبة والخذلان ورأوا ما وصل إلى الصالحين من الكرامة والإحسان.
استجيروا الله أن يخزيكم في مثالهم أبدا) أي اطلبوا من الله أن يجيركم ويعيذكم من أن يخزيكم في صفاتهم مثل ترك الولاية ورفض الهداة والعقايد الداثرة والأعمال الخاسرة والظاهر أن يخزيكم من الخزي، يجزيكم من الجزاء تصحيف.
(وأن يبتليكم بما ابتلاهم به) من الميل إلى الباطل وحب أهله والفرار من الحق وبغض أهله فأبطلوا بذلك فطرتهم الأصلية وقوتهم الفطرية واستحقوا الخذلان وسلب التوفيق وهو معنى البتلاء فيهم وفيه تنبيه على أنه ينبغي لطالب الحق أن لا يثق بنفسه ولا بعمله لأن النفس أمارة بالسوء والعمل لا يخلو من التقصير فيه بل يرجع إلى ربه ويلوذ به ويطلب منه أن يجيره من صفة أهل الباطل باللطف والتوفيق والامداد وصرف همته عنها.
(ولا قوة لنا ولكم إلا به) أي لا قوة لنا على طاعة الله والفرار من معصيته والنجاة من صفة أعدائه وما ابتلاهم به إلا بمعونته وتوفيقه وهذه أعظم كلمة يقولها العبد لإظهار الفقر إليه وطلب المعونة منه على ما يحاول من الأمور وهو حقيقة العبودية.
ثم أشار إلى أنه وإن انتفى عنكم ابتلاء الفاسقين لكن ثبت فيكم ابتلاء الصالحين والفرق بينهما ظاهر لأن الأول يوجب زيادة الكفر والخذلان والثاني يوجب كمال القرب والإيمان فقال (فاتقوا الله) من العقوبة والمخالفة بالصبر على الطاعة والبلية الواردة عليكم لرفع درجتكم واعلاء منزلتكم (أيتها العصابة الناجية) من العقوبة الأبدية بولاية علي أمير المؤمنين وأولاده الطاهرين (عليهم السلام)، والعصب محركة خيار القوم وقوم الرجل الذي يتعصبون له والعصابة بالكسر ما بين العشرة إلى