الإمام أحرج الإمام إلى أن يلعن أهل الصلاح من أتباعه، المسلمين لفضله، الصابرين على أداء حقه، العارفين بحرمته، فإذا لعنهم لاحراج أعداء الله الإمام صارت لعنته رحمة من الله عليهم وصارت اللعنة من الله ومن الملائكة ورسله على اولئك.
واعلموا أيتها العصابة أن السنة من الله قد جرت في الصالحين قبل. وقال: من سره أن يلقى الله وهو مؤمن حقا فليتول الله ورسوله والذين آمنوا وليبرأ إلى الله من عدوهم ويسلم لما انتهى إليه من فضلهم لأن فضلهم لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك، ألم تسمعوا ما ذكر الله من فضل أتباع الأئمة الهداة وهم المؤمنون قال: (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا) فهذا وجهه من وجوه فضل أتباع الأئمة فكيف بهم وفضلهم؟ ومن سره أن يتم الله له إيمانه حتى يكون مؤمنا حقا حقا فليف لله بشروطه التي اشترطها على المؤمنين فانه قد اشترط مع ولايته وولاية رسوله وولاية أئمة المؤمنين إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وإقراض الله قرضا حسنا واجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن فلم يبق شيء مما فسر مما حرم الله إلا وقد دخل في جملة قوله، فمن دان الله فيما بينه وبين الله مخلصا لله ولم يرخص لنفسه في ترك شيء من هذا فهو عند الله في حزبه الغالبين وهو من المؤمنين حقا، وإياكم والاصرار على شيء مما حرم الله في ظهر القرآن وبطنه وقد قال الله تعالى: (ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) - إلى ها هنا رواية القاسم بن الربيع - يعني المؤمنين قبلكم إذا نسوا شيئا مما اشترط الله في كتابه عرفوا أنهم قد عصوا الله في تركهم ذلك الشيء فاستغفروا ولم يعودوا إلى تركه فذلك معنى قول الله: (ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون).
واعملوا أنه إنما أمر ونهى ليطاع فيما أمر به ولينتهى عما نهى عنه، فمن اتبع أمره فقد أطاعه وقد أدرك كل شيء من الخير عنده ومن لم ينته عما نهى الله عنه فقد عصاه فإن مات على معصيته أكبه الله على وجهه في النار.
واعملوا أنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك من خلقه كلهم إلا طاعتهم له، فجدوا في طاعة الله، إن سركم أن تكونوا مؤمنين حقا حقا ولا قوة إلا بالله. وقال: وعليكم بطاعة ربكم ما استطعتم فان الله ربكم اعلموا أن الاسلام هو التسليم والتسليم هو الإسلام فمن سلم فقد أسلم ومن لم يسلم فلا إسلام له ومن سره أن يبلغ إلى نفسه في الاحسان فليطع الله فإنه من أطاع الله فقد أبلغ إلى نفسه في الاحسان.
وإياكم ومعاصي الله أن تركبوها فانه من انتهك معاصي الله فركبها فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه وليس بين الاحسان والإساءة منزلة، فلأهل الاحسان عند ربهم الجنة ولأهل الإساءة عند