والسبب فيه إما الغفلة عن تحريمها وما ورد من الوعيد عليها، وإما لأن مثل ذلك من المعاصي لا يخل عرفا بمراتبهم ومنازلهم من الرئاسات لخفاء هذا النوع من المنكر على من يرومون المنزلة عنده من أهل الجهالات ولو رغبوهم في الشرب أو الزنا أو غصب مال الغير ما أطاعوه لظهوره فحشه عند العامة وسقوط منزلتهم لديهم، ولو استبصروا علموا أن لا فرق بين المعصيتين بل لا نسبة بين المعصية المستلزمة للاخلال بحقه تعالى وبين ما يتعلق مع ذلك بحق العبد خصوصا بأعراضهم بل هي أجل وأشرف من أموالهم.
* الأصل:
2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته اذناه فهو من الذين قال الله عز وجل: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم)».
* الشرح:
قوله: (فهو من الذين قال الله عز وجل -... إلى آخره) إنما قال من الذين لأن الآية الكريمة تشمل أيضا من بهت رجلا ومن ذكر عيبه في حضوره ومن أحب شيوعه وإن لم يذكره ومن سمعه ورضي به والوعيد بالعذاب الأليم للجميع. قال الشهيد رحمه الله: إن الله أوحى إلى موسى بن عمران «أن المغتاب إذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة وإذا لم يتب فهو أول من يدخل النار».
* الأصل:
3 - الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الغيبة قال: «هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل وتبث عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد».
* الشرح:
قوله: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الغيبة قال: هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل وتبث عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد) هو راجع إلى الغيبة والتذكير باعتبار الاغتياب أو باعتبار الخبر، وقوله: «لم يقم عليه فيه حد» صفة بعد صفة لامر أو حال بعد حال عنه وفيه دلالة على انه لا حرمة للكافر فلا يحرم غيبته وحرمة قذفه من دليل خارج وعلى أن الغيبة هي نسبة القبيح إلى الغير سواء فعله أم لا فتشمل البهتان وسواء حضر أم غاب، فيراد بالغيبة هنا غير المعنى المصطلح وعلى أن ذكر الأمر المكشوف المشهور ليس بغيبة وسيجئ زيادة البحث فيه وعلى أن ذكر الامر المستور الذي يقام فيه الحد على فاعله مثل الزناء وغيره ليس بغيبة وإلا لبطلت الحدود،