الحاصل له بالرأي والقياس والاستحسان العقلي كما هو شأن مخالفينا.
(وبارز خالقه) أي حاربه مطلقا أو في اتباع الظن حيث ارتكب ما نهاه عنه بقوله عز وجل:
(ولا تقف ما ليس لك به علم) وبقوله (إن يتبعون إلا الظن إن الظن لا يغني من الحق شيئا) (وألح عليه الشيطان) لأنه أثر فيه إغواؤه فطمع فيه وجد في إضلاله.
(وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة ولا غفلة) أي طلب المغفرة من الله تعالى بلا توبة وندامة مما فعل ولا استكانة وتواضع لله عز وجل ولا غفلة من الذنوب وإذاعتها لأنه متلبس بهما والأول استهزاء والثاني نفاق والثالث اغترار.
(ومن غفل جنى على نفسه وانقلب على ظهره وحسب غيه رشدا) أي من غفل عما ذكر جنى على نفسه بما يهلكه وانقلب من الدين على ظهره ورجع عنه وحسب غيه وضلالة رشدا وصوابا وذلك لفساد عقله وكمال جهله.
(وغرته الأماني) وهي تعمى عين البصائر حتى لا ترى عواقب الامور وهي إنما تحصل من قصور العقل وإن كان كماله يقتضى فطام النفس عن الشهوات ونزعها عن الأماني والشبهات وخلو السر عن النظر إلى الزهرات والمقتنيات الداثرة، قال بعض الأفاضل: من المغرورين من ينكر الحشر والنشر ومنهم من يزعم أن وعيد الأنبياء من باب التخويف ولا عقاب في الآخرة، ومنهم من يقول:
إن لذات الدنيا متيقنة وعقوبة الآخرة مشكوكة والمتيقن لا يترك بالمشكوك، ومنهم من يفعل المعاصي ويقول: الله غفور رحيم، ومنهم من يزعم أن الدنيا نقد والآخرة نسية والنقد أحسن من النسية، ومنهم من اغتر بنفسه وبعمله وغفل عن آفاته، ومنهم من اغتر بعمله وظن أنه بلغ حد الكمال وليس مثله أحد وكأنه لم يسمع ما ورد من ذم العلماء المغرورين بعلومهم، ومنهم من علم وعمل وغفل عن طهارة الباطن من الأخلاق الرذيلة وظن أنه منزه عنها مستحق للثواب الجزيل بسببه، ومنهم من أغتر بأصل العلم وطلب علوما نافعة في الدنيا وغفل عن علم الآخرة، ومنهم من اغتر بأصل الطهارة والنيات وتبع وسواس الشيطان وظن أنه يحسن شيئا وأنه مستحق للاجر به، ومنهم اغتر بالعبادة وظن أنه فاق العابدين، ومنهم من اغتر بالزهد وظن أنه أزهد الناس وأنه شفيع للخلق يوم القيامة، ومنهم من اغتر بالمال، والمغرورون به كثير، ومنهم من اغتر بالأولاد والأنصار، ومنهم من اغتر بالجاه والرئاسة إلى غير ذلك من أسباب الغرة التي لا تحصى كثرة.
(وأخذته الحسرة) مما لحقه من الفضائح (والندامة) مما فعله من القبائح (إذا قضي الأمر) بين الخلائق في القيامة أو أمر الدنيا بالموت.