تبعت الرجل كفرح إذا مشيت خلفه، ولعل المراد هنا العقوبة أو استحقاقها ووصف الذنوب بما ذكر للتوضيح وإظهار التحسر والتأسف والندامة عليها وتذكر الغير وزجره عن الإتيان بمثلها.
* الأصل:
29 - وبهذا الإسناد، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان من دعائه يقول:
«يا نور يا قدوس يا أول الأولين ويا آخر الآخرين يا رحمن يا رحيم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم، واغفر لي الذنوب التي تحل النقم واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، واغفر لي الذنوب التي تديل الأعداء واغفر لي الذنوب التي تعجل الفناء واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء واغفر لي الذنوب التي تظلم الهواء واغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء واغفر لي الذنوب التي ترد غيث السماء».
* الشرح:
قوله: (يا نور يا قدوس) هو نور لأنه ظاهر به ظهور كل شيء والظاهر في نفسه المظهر لغيره يسمى نورا أو لأن به اهتدى أهل السماوات والأرضين إلى مصالحهم ومراشدهم كما يهتدي بالنور، أو لأنه منور النور وخالقه وأطلق عليه اسمه. كذا في العدة والنهاية. والقدوس من أبنية المبالغة ومعناه الطاهر من العيوب والنقائص.
(يا أول الأولين ويا آخر الآخرين) يجده الذهن أول عند انتقاله من أول الأسباب إلى آخرها وآخر عند انتقاله من آخرها إلى أولها، وبعبارة اخرى أول عند انتقاله من الأسباب إلى المسببات وآخر عند انتقاله من المسببات إلى الأسباب فهو أول عند كونه آخر، وبالعكس، ولا تفارق بينهما إلا بلحاظ العقل، ويكن أن يكون الأولية باعتبار إيجاد الأشياء والآخرية باعتبار إفنائها وهو الباقي الوارث بعد فنائها.
(اغفر لي الذنوب التي تغير النعم) كالبخس في المكيال والميزان، وقد روي أنه يورث تبديل الخصب والرخاء والأمن بالقحط وشدة المؤونة وجور السلطان، ولا يبعد أن الذنوب كلها تغير النعم (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
(واغفر لي الذنوب التي تحل النقم) النقم ككلم وعنب جمع النقمة بالفتح وبالكسر وكفرحه وهي المكافاة بالعقوبة كالزنا والسرقة وغيرهما مما يوجب الحمد.
(واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم) العصم كعنب جمع العصمة وهي خصلة مانعة من المعصية، شبهها بالساتر بقرينة الهتك والذنوب إذا كثرت وتراكمت وتهتكها وترفعها بالمرة حتى لا يبالي المذنب بأي ذنب ورد ولا بأي واد هلك، وقد يصدر الهتك من ذنب واحد كشرب الخمر.