عند أهل السماء فسله عنه إذا عرجت إلى السماء، فلما إرتفع جبرئيل جاء أبو ذر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما منعك يا أبا ذر أن تكون سلمت علينا حين مررت بنا؟
فقال: ظننت يا رسول الله أن الذي [كان] معك دحية الكلبي قد استخليته لبعض شأنك، فقال:
ذاك جبرئيل (عليه السلام) يا أبا ذر وقد قال: أما لو سلم علينا لرددنا عليه فلما علم أبو ذر أنه كان جبرئيل (عليه السلام) دخله من الندامة حيث لم يسلم عليه ما شاء الله فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما هذا الدعاء الذي تدعو به؟ فقد أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أن لك دعاء تدعو به، معروفا في السماء، فقال: نعم يا رسول الله أقول: «اللهم إني أسألك الأمن والإيمان بك والتصديق بنبيك والعافية من جمع البلاء والشكر على العافية والغنى عن شرار الناس».
* الشرح:
قوله: (في صورة دحية الكلبي) في النهاية هو دحية بن خليفة أحد الصحابة كان جميلا حسن الصورة ويروى بكسر الدال وفتحها، وفي كتاب إكمال الإكمال لشرح مسلم: كان دحية الكلبي حسن الصورة ولذلك تمثل جبرئيل (عليه السلام) بصورته وكان من كبار أصحابه (صلى الله عليه وآله) وبقى إلى خلافة معاوية وأرسله رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى قيصر سنة ست وآمن قيصر وأبت بطارقته أن يؤمنوا، فأخبر بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ثبت الله ملكه، وفيه منقبة عظيمة لأبي ذر وجواز رؤية الملائكة على صورة الآدميين ولكنهم لا يعلمون أنهم ملائكة لأنهم لا يقدرون على رؤيتهم في صورهم الأصلية وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يراه في صورة دحية وقد رآه أيضا في صورته الأصلية مرارا وفيه ان الله سبحانه يجعل صور الملائكة (عليهم السلام) متى شاء في أي صورة شاء وإنما كان يريه في صورة الإنسان ليوانس به ولا يهوله لعظم خلقه كذا قال المازري.
(اللهم إني أسألك الأمن) من الشيطان والنفس والعذاب في الدنيا والآخرة وما يوجبه (والإيمان بك والتصديق بنبيك) في رسالته وما جاء به والمقصود هو الثبات أو الزيادة.
(والعافية من جميع البلاء) كالفتنة ومصائب الدهر ونوازلها والفقر الموجب لثقل القلب وكسر الظهر ونحوها (والشكر على العافية) في الدين والبدن.
(والغنى عن شرار الناس) التقييد للإحتراز عن خيارهم لأن طلب الغنى عنهم غير مستحسن إذ الإنسان مدني بالطبع يحتاج بعضهم إلى بعض، يدل على ذلك ما مر في باب فضل فقراء المسلمين من ان رجلا قال لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك ادع الله أن يغنيني عن خلقه، قال (عليه السلام) ان الله متم رزق من شاء على يدي من شاء ولكن سل الله أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك إلى لئام خلقه.