(وسلاحا يوم الارتقاء) الظاهر أنه هذه الدنيا لأنه يوم الارتقاء إلى درجات الأعمال والصعود من حضيض النقص إلى أوج الكمال وإطلاق السلاح وهي آلة الحرب على القرآن من باب الاستعارة إذ به يجاهد الإنسان شياطين الجن والإنس ويدفع عنه صدماتهم وحملاتهم.
(وحججا يوم القضاء) القضاء الحكم، والحجة الدليل والبرهان والغلبة يقال: حجه وعليه إذا غلبه بالحجة وهو حجج أي محاج مغالب بالحجة فعيل بمعنى مفاعل وقد ثبت ان كل أحد يوم القيامة يتمسك بنجاة نفسه بما يظن انه حجة له وان كل خير يحتج لصاحبه وان القرآن حجيج لأهله ينفعه وينجيه من الشدائد وسيأتي توضيح ذلك في أول كتاب فضل القرآن ان شاء الله تعالى.
(ونورا يوم الظلماء) الظلما بضم وضمتين، والظلماء بالفتح وسكون اللام والمد ذهاب النور وقد يشبه الخير بالنور والشر بالظلمة ولما كان يوم القيامة يوم بروز الكامنات وكان الشر فيه أكثر سمي يوم الظلماء ولما كان إطلاق يوم الظلماء على اليوم الشديد الذي كثر فيه الشر مطلقا شائعا لغة أو عرفا خصه بيوم القيامة وقال:
(يوم لا أرض ولا سماء) لتبدلهما كما نطق به القرآن الكريم ولا يعلم حقيقة ذلك الغير إلا الله والراسخون في العلم.
(يوم يجزى كل ساع بما سعى) من خير وشر وتضعيف الحسنات والثواب الراجع إلى الموت من أجل دعاء المؤمنين والمؤمنات لأجل إيمانه أيضا من ثمرة سعيه.
(اللهم اجعله لنا ريا يوم الظماء) الري بالكسر اسم من روى الماء واللبن كرضى ريا بالفتح والظمأ بالفتح والسكون والهمز مصدر ظمى كفرح إذا عطش أو إشتد عطشه وبالكسر اسم منه (وفوزا يوم الجزاء من نار حامية) الحامية هي التي إشتدت حرارتها، قيل: نار جهنم أشد حرا من نار الدنيا بسبعين درجة، والفوز النجاة فاز منه نجى وفي أكثر النسخ نورا بالنون ولعله تصحيف (قليلة البقيا) البقيا بالضم والسكون الرحمة والشفقة اسم من أبقيت عليه إبقاء إذا رحمته وأشفقت عليه ويفهم من لفظ القلة عرفا المبالغة في شدتها كما يقال قليل الترحم على خلق الله للمبالغة في أنه غضوب. ويمكن أن يكون إيماء إلى أنها قد ترحم بعضا وتخف حرارتها له وهو من شاء الله أن يكون عقوبته أخف من عقوبة غيره.
(على من بها إصطلى وبحرها تلظى) الجار في الموضعين متعلق بما بعدها والصلاء بالكسر والمد النار والإصطلاء افتعال من صلى النار كرضى إذا تسخن بها، واللظى كالفتى النار غير منصرفة للعلمية والتأنيث لأنها علم جهنم، والتلظي التلهب والإضطرام.
(اللهم اجعله لنا برهانا على رؤوس الملاء) أي حجة ودليلا لنا على مطلوبنا من نيل السعادة