والسماوات إلى غير ذلك مما يعجز عن عده فحول العلماء ويتحير في أدنى مراتبه عقول العقلاء (وأن تثبتها في قلبي وسمعي وبصري وأن تخالط بها لحمي ودمي وعظامي ومخي) إثباتها في هذه الجوارح عبارة عن جعلها ملكة راسخة فيها، ويمكن أن يكون فيه إشارة إجمالية إلى أصناف العلم لأن بعضها علوم عقلية صرفة وبعضها علوم آلية، فمنها ما يحصل من طريق السمع ومنها، ما يحصل من طريق البصر، ومنها ما يحصل بالمخالطة من طريق الذوق ومنها ما يحصل من طريق الشم ومنها ما يحصل من طريق اللمس ومنها ما يحصل من طرق الحواس الباطنة (وتستعمل بها ليلي ونهاري) سؤال عن توفيق العمل بها وفي تعليق العمل بالليل والنهار وتجوز باعتبار وقوعه فيهما.
(برحمتك وقدرتك) متعلق بقوله: «ترزقني» إلى آخره أو بقوله: «تستعمل» والأول أشمل والثاني أظهر وفي الجمع بين الرحمة والقدرة إيماء إلى تحقق المطلوب لأنهما كالعلة التامة له.
(فانه لا حول ولا قوة إلا بك يا حي يا قيوم) علة للسؤال المذكور وإستعطاف لحصوله بالانقطاع إليه عزوجل وفي النداء أيضا توقع لحصوله لأن الحي هو الفعال المدرك لا يفوته شيء مما أراد والقيوم هو القائم على كل شيء بالرعاية والحفظ والإصلاح والتدبر فيه وفي أحواله.
(قال: وفي حديث آخر زيادة) فاعل قال أبان مع الواو، والصادق (عليه السلام) مع عدمها كما في بعض النسخ، وقوله: «في حديث آخر زيادة» على الأول مبتدأ وخبر والجملة مقول القول وقوله: «زيادة» على الثاني مقول القول وقوله: في حديث آخر» ظرف له أو متعلق بزيادة ثم أشار إلى الزيادة بقوله:
(وأسألك) أي هي وأسألك على حذف المبتدأ وإضافة الزيادة إليه محتملة وفي محل الإضافة تأمل وكأنه بعد قوله: «ومنتهى الرحمة من كتابك» فليتأمل.
(باسمك الذي دعاك به عبادك الذين استجبت لهم) دل على ان التوسل إجمالا بالاسم الذي يستجاب به الدعاء مؤثر في الاستجابة وان لم يعلم بعينه لكن الظاهر أن تأثيره مع العلم به أقوى وأشد يظهر ذلك للمتوسل بالاسم الأعظم مع العلم وعدمه.
(وأنبياؤك فغفرت لهم ورحمتهم) دلت الآيات الكريمة على أن ذلك الاسم هو الرب.
(وبكل اسم أنزلته في كتبك) فيه توسل بأسمائه كلها إجمالا وكونه كالتوسل بها تفصيلا أم لا محل كلام ذكرناه سابقا.
(وبإسمك الذي إستقر به عرشك) ان اريد به الفلك الأعظم فالمراد بإستقراره استقراره في مكانه المقدر له وهو أعلى الارتفاعات من غير نزول ولا صعود وان اريد به عالم الملك والملكوت فالمراد استقرار كل شيء في مرتبته.