علمتناه قبل رغبتنا في تعلمه) التعليم فينا قبل التعلم وبعد الرغبة فيه ومن ألطافه تعالى ان بدأ بتعليمنا قبل رغبتنا في التعلم ورغبنا فيه.
(واختصصتنا به قبل رغبتنا في نفعه) هذا أيضا من لطف الله تعالى علينا حيث خصصنا به قبل رغبتنا في نفعه ورغبنا فيه بذكر الثواب والجزاء وأيضا أنزل القرآن ولم يكن لنا علم به فضلا عن تعلمه ونفعه وعن الرغبة فيهما.
(اللهم فإذا كان ذلك) أي إنزال القرآن علينا وتعليمنا إياه وإختصاصنا به قبل رغبتنا في تعليمه ونفعه (منا منك) يقال من عليه منا إذا أنعم عليه وإصطنع عنده صنيعا. (وفضلا) أي زيادة في الإحسان إذ إحسانه تعالى علينا غير محصور. (وجودا) أي إحسانا كثيرا بالغا حد الكمال، قال صاحب العدة: الجواد هو المنعم الكثير الإنعام والإحسان، والفرق بين الجود والكرم أن الكرم هو الإعطاء مع السؤال والجود هو الإعطاء من غير سؤال وقيل بالعكس (ولطفا بنا) أي رفقا بنا مع إستحقاقنا للأخذ يقال: لطف به وله يلطف لطفا إذا رفق به (ورحمة لنا) الرحمة وتحرك الرقة والمغفرة والتعطف كالرحمة كذا في القاموس.
(وإمتنانا علينا) في كنز اللغة إمتنان منت نهادن ونعمت دادن وفيه مبالغة وزيادة في المن فلا تكرار. (من غير حولنا) الحول الحركة يقال: حال الشخص يحيل إذا تحرك أي من غير تقلبنا وحركتنا إلى طلب ذلك منك وهو مع ما عطف عليه حال عن اسم كان أو خبر له. (ولا حيلتنا) هي الحذق وجودة النظر والقوة على التصرف يعني لم يكن ذلك من نظرنا وتصرفات عقولنا في الاحتيال إلى الوصول.
(ولا قوتنا) لعجزنا عن تصور تلك النعمة الجليلة إبتداء فضلا عن طلبها وتحصيلها.
(اللهم فحبب إلينا حسن تلاوته) بالترتيل كما أمرتنا به وهو جزاء للشرط.
(وحفظ آياته) عن التبديل والتحريف والزيادة والنقصان.
(وإيمانا بمتشابهه وعملا بمحكمه) ان كان المطلوب منه العمل والعمل شامل للقلب أيضا والمحكم في اللغة المضبوط المتقن، وفي الاصطلاح ما اتضح معناه، وقيل: معناه ما لا يحتمل إلا وجها واحدا والمتشابه بخلافه فهو ما يتضح معناه أو ما يحتمل وجوها متعددة ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم. والمراد بالإيمان به التصديق بأنه من عند الله تعالى وبأنه يجب رد تأويله إلى أهله وبأنه لا يجوز تأويله وتعيين المراد منه بالرأي والقياس، وأما من كفر بالله فمنهم من أوله برأيه كأكثر المخالفين ومنهم من تبعه إبتغاء للفتنة وطلبا للتشكيك في القرآن وإضلال العوام كالزنادقة والقرامطة، ومنهم من تبع ظاهره كالمجسمة والمشبهة حيث جمعوا ما في القرآن مما دل