فأخرج رجلك اليسرى وسم الله فإنك لا ترى مكروها.
* الشرح:
قوله: (والحمد لله الذي يصف ولا يوصف) أي يصف الأشياء وينعتها بما هو لها من الصفات والكيفيات وغيرها، ولا يوصف هو حيث انه لا صفة له ومن ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «كمال توحيده نفي الصفات عنه». (ويعلم ولا يعلم) أي يعلم الأشياء من جميع الوجوه ولا يعلم هو بوجه لا بكنه ذاته ولا بحقيقة صفاته.
(يعلم خائنة الأعين) أي ما يخونون فيه من مسارقة النظر إلى ما لا يحل والخائنة بمعنى الخيانة وهي من المصادر التي جاءت على لفظ الفاعل.
(ومن شر ما برأ وذرأ) أي خلق والظاهر أن العطف للتفسير، ويمكن أن يراد بالأول ذوو العقول وبالثاني غيرهم من أنواع الحيوان.
(ولا يخاف صاحبها إذا تكلم بها لصا ولا غولا) في القاموس الغول بالفتح الصداع والسكر والمشقة وبالضم الهلكة والداهية والسعلاة والجمع أغوال وغيلان والحية والجمع أغوال وسحرة الجن والمنية وشيطان يأكل الناس أو دابة رأتها العرب وعرفتها وقتلها تأبط شرا ومن يتلون ألوانا من السحرة والجن أو كل ما زال به العقل; إذا عرفت هذا فنقول: دل هذا على وجود الغول وأضراره للناس ولعل المراد به نوع من الشياطين كما صرح به المازري أو نوع من الجن، وقال بعض العامة لا وجود له لما رووه عن النبي (صلى الله عليه وآله): «لا عدوى ولا غول» رد (عليه السلام) بذلك قول العرب بأن المرض يتعدى من المريض إلى الصحيح وأن الغيلان تترأى للناس في الفلوات فتتغول تغولا أي تتلون تلونا وتتصور بصور شتى تضلهم عن الطريق وتهلكهم وقد ذكروا ذلك في أشعارهم وأبطل (صلى الله عليه وآله) ذلك وبين انتفاء حقيقتها وفيه نظر لأنهم ان أرادوا بالغول غير النوعين المذكورين مما هو أمر تخييلي لا وجود له كما هو المعروف بن العامة فلا نزاع فيه وان أرادوا هذين النوعين فإنكار وجودهما مكابرة وما تمسكوا به لا يدل على عدم الوجود لأن المراد به على ما صرحوا أكثرهم نفي ما تزعم العرب أن الغيلان تتصور بصور مختلفة وتضلهم عن الطريق فتهلكهم يعني أن الغول لا يستطيع أن يتصور بصور مختلفة وتضل أحدا، ويشهد له الحديث الآخر من طرقهم: «لا غول ولكن الغال سحرة الجن» أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل كذا فسره ابن الأثير والمازري ويدل على وجودها حديث: إذا تغولت الغيلان فتبادروا بالأذان» قال ابن الأثير: أي أطفئوا شرها بذكر الله وحديث أبي داود: «كان لي ثمرة في سهوة كانت الغول تجىء وتأخذ» وفي بعض نسخهم «تأكل» وقال الطحاوي: ويحتمل ان الغول كانت تفعل ذلك فدفعها الله سبحانه عن عباده، قال بعضهم: ولا