قوله: (ما شهد رجل على رجل بكفر قط إلا باء به أحدهما) بأن شهد به عند الحاكم أو أتى بصيغة الخبر نحو أنت كافر أو بصيغة النداء نحو يا كافر، وباء بمعنى رجع أي رجع بالكفر أحدهما وصار عليه، وقوله: «فإياكم والطعن على المؤمنين» إشارة إلى أن مطلق الطعن حكمه حكم الكفر في الرجوع إلى أحدهما قطعا فإن قيل: إذا لم يكن المقول له كافرا فغاية ما في الباب أن القائل ساب كاذب وشئ منهما ليس بكفر، فالجواب أنهما من أقرب منازل الكفر إذ صاحبهما لا يأمن من أن ينتقل منهما إلى الكفر لعدم استقرار الإيمان في قلبه، وقد شاع في الأخبار إطلاق الكفر عليه، وباقي التوجيهات السابقة يجري هنا أيضا وقيل: ضمير «به» يعود إلى السيئة المفهومة من السياق لا إلى الكفر أي باء بالسيئة أحدهما، وقيل: الضمير يعود إلى التكفير لا إلى الكفر يعني تكفيره لأخيه تكفير لنفسه لأنه لما كفر مؤمنا فكأنه كفر نفسه، وفيه أن التكفير حينئذ غير مختص بأحدهما لتعلقه بهما جميعا، وقيل: الضمير يعود إلى الكفر الحقيقي; لأن القائل اعتقد أن ما عليه المقول له من الإيمان كفر فقد كفر لقوله تعالى: (ومن كفر بالإيمان فقد حبط عمله) وفيه أن القائل بكفر أخيه لم يجعل الإيمان كفرا بل جعل بدل الإيمان كفرا توبيخا وتعييرا له بترك الإيمان وأخذ الكفر بدلا منه، وبينهما بون بعيد.
* الأصل:
6 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «سمعته يقول: إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها ترددت فإن وجدت مساغا وإلا رجعت على صاحبها».
* الشرح:
قوله: (إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها ترددت فإن وجدت مساغا وإلا رجعت على صاحبها) فيه تفخيم لأمر اللعن وإثمه، وحث على التجنب منه فإنه لا يقع قط عبثا بل يرجع إما إلى الملعون أو إلى اللاعن. فليجتنب المسلم عن لعن المسلمين ولا يلعن إلا من لعنه الله تعالى أو المعصوم أو من علم قطعا أنه محروم من الرحمة الواسعة; لأن اللعن الإبعاد من الرحمة، وليس ذلك من خلق المؤمنين الذين وصفوا بأنهم كجسد واحد وأنهم متراحمون بينهم، وأنهم يحبون لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم، ومن دعا على أخيه باللعن فهو في غاية التقاطع والتدابر وهذا غاية ما يود المسلم للكافر.
7 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن علي بن عقبة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن اللعنة إذا