الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٣٣٦
اتباع الهوى وطول الامل أما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق وأما طول الامل فينسي الآخرة.
4 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): اتق المرتقى السهل إذا كان منحدره وعرا (1).
قال: وكان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول: لا تدع النفس وهواها فإن هواها [في] رداها (2) وترك النفس وما تهوى أذاها وكف النفس عما تهوى دواها.
(باب) * (المكر والغدر والخديعة) * 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم رفعه قال:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لولا أن المكر والخديعة في النار لكنت أمكر الناس. (3)

(1) " اتق المرتقى " المرقى والمرتقى والمرقاة موضع الرقي والصعود من رقيت السلم والسطح والجبل: علوته. والمنحدر.: الموضع الذي ينحدر منه أي ينزل من الانحدار وهو النزول. والوعر ضد السهل ولعل المراد به النهى عن طلب الجاه والرئاسة وسائر شهوات الدنيا ومرتفعاتها فإنها وإن كانت مواتية على اليسر والخفض إلا أن عاقبتها عاقبة سوء والتخلص من غوائلها وتبعاتها في غاية الصعوبة والحاصل أن متابعة النفس في أهوائها والترقي من بعضها إلى بعض وإن كانت كل واحدة منها في نظره حقيرة وتحصل له بسهولة لكن عند الموت يصعب عليه ترك جميعها والمحاسبة عليها، فهو كمن صعد جبلا بحيل شتى فإذا انتهى إلى ذروته يتحير في تدبير النزول عنها وأيضا تلك المنازل الدنية تحصل له في الدنيا بالتدريج وعند الموت لابد من تركها دفعة ولذا تشق عليه سكرات الموت بقطع تلك العلايق فهو كمن صعد سلما درجة درجة ثم سقط في آخر درجة منه دفعة، فكلما كانت الدرجات في الصعود أكثر كان السقوط منها أشد ضررا وأعظم خطرا فلابد للعاقل أن يتفكر عند الصعود على درجات الدنيا في شدة النزول عنها فلا يرقى كثيرا ويكتفى بقدر الضرورة والحاجة فهذا التشبيه البليغ على كل من الوجهين من أبلغ الاستعارات وأحسن التشبيهات (آت).
(2) أي هلاكها في الآخرة بالهلاك المعنوي. في القاموس ردى في البئر: سقط، كتردى وأرداه غيره وراده وردى كرضى ردى: هلك.
(3) المكر والخديعة متقاربان وهما اسمان لكل فعل يقصد فاعله في باطنه خلاف ما يقتضيه ظاهره وذلك ضربان أحدهما مذموم وهو الأشهر عند الناس وذلك أن يقصد فاعله انزال مكروه بالمخدوع وإياه قصد (عليه السلام) بقوله: " المكر والخديعة في النار " والمعنى: يؤديان بقاصدهما إلى النار. والثاني عكس ذلك وأن يقصد فاعلها إلى استجرار المخدوع والممكور به إلى مصلحة لهما كما يفعل بالصبي إذا امتنع من فعل خير. والغدر: الاخلال بالشئ وتركه و عدم الايفاء بالعهد. والغادر هو الذي يعاهد ولا يفي.
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»
الفهرست