صغارا فترك الوصية أفضل، وكذا لو كانوا بالغين فقراء ولا يستغنون بالثلثين، وإن كانوا أغنياء أو يستغنون بالثلثين فالوصية أولى، وقدر الاستغناء عن أبي حنيفة إذا ترك لكل واحد أربعة آلاف درهم دون الوصية، وعن الامام الفضلي عشرة آلاف اه. قوله: (ومن صلى أو تصدق إلخ) اعلم أن إخلاص العبادة لله تعالى واجب والرياء فيها، وهو أن يريد بها غير وجه الله تعالى حرام بالاجماع للنصوص القطعية، وقد سمى عليه الصلاة والسلام الرياء: الشرك الأصغر. وقد صرح الزيلعي بأن المصلي يحتاج إلى نية الاخلاص فيها وفي المعراج: أمرنا بالعبادة ولا وجود لها بدون الاخلاص المأمور به، والاخلاص جعل أفعاله لله تعالى وذا لا يكون إلا بالنية اه. وقال العلامة العيني في شرح البخاري: الاخلاص في الطاعة ترك الريا ومعدنه القلب اه. وهذه النية لتحصيل الثواب لا لصحة العمل، لان الصحة تتعلق بالشرائط والأركان، والنية التي هي شرط لصحة الصلاة مثلا: أن يعلم بقلبه أي صلاة يصلي.
قال في مختارات النوازل: وأما الثوب فيتعلق بصحة عزيمته وهو الاخلاص، فإن من توضأ بماء نجس ولم يعلم به حتى صلى لم تجز صلاته في الحكم فلقد شرطه، ولكن يستحق الثواب لصحة عزيمته وعدم تقصيره اه.
فعلم أنه لا تلازم بين الثواب والصحة، فقد يوجد الثواب بدون الصحة كما ذكر، وبالعكس كما في الوضوء بلا نية فإنه صحيح، ولا ثواب فيه، وكذا لو صلى مرائيا، لكن الرياء تارة يكون في أصل العبادة، وتارة يكون في وصفها، والأول هو الرياء الكامل المحيط للثواب من أصله كما إذا صلى لأجل الناس، ولولاهم ما صلى، وأما لو عرض له في ذلك في أثنائها فهو لغو، لأنه لم يصل لأجلهم، بل صلاته كانت خالصة لله تعالى، والجزء الذي عرض له فيه الراء بعض تلك الصلاة الخالصة، نعم إن زاد في تحسينها بعد ذلك رجع إلى القسم الثاني، فيسقط ثواب التحسين، بدليل ما روي عن الامام فيمن أطال الركوع لادراك الجائي لا للقربة حيث قال: أخاف عليه أمرا عظيما: أي الشرك الخفي كما قاله بعض المحققين.
قال في التاترخانية: لو افتتح خالصا لله تعالى، ثم دخل في قلبه الرياء فهو على ما افتتح، والرياء أنه لو خلا عن الناس لا يصلي، ولو كان مع الناس يصلي، فأما إن كان مع الناس يحسنها، ولو صلى وحده لا يحسن فله ثواب أصل الصلاة دون الاحسان، ولا يدخل الرياء في الصوم. وفي الينابيع قال إبراهيم بن يوسف: لو صلى رياء فلا أجر له وعليه الوزر. وقال بعضهم: لا أجر له ولا وزر عليه، وهو كأنه لم يصل اه. ولعله لم يدخل في الصوم لأنه لا يرى، إذ هو إمساك خاص لا فعل فيه. نعم قد يدخل في إخباره وتحدثه به. تأمل. واستدل له في الواقعات بقوله عليه الصلاة والسلام:
يقول الله تعالى الصوم لي وأنا أجزي به ففي شركة الغير، وهذا لم يذكر في حق سائر الطاعات اه.
ثم اعلم أن من الرياء التلاوة ونحوها بالأجرة، لأنه أريد بها غير وجه الله تعالى وهو المال، ولذا قالوا: إنه لا ثواب بها لا للقارئ ولا للميت، والآخذ والمعطي آثمان. وقالوا أيضا: إن من نوى الحج والتجارة لا ثواب له إن كانت نية التجارة غالبة أو مساوية. وفي الذخيرة إذا سعى لإقامة الجمعة وحوائج له في المصر فإن معظم مقصوده الأول فله ثواب السعي إلى الجمعة وإن الثاني فلا اه. أي وإن تساويا تساقطا كما يعلم مما مر، واختار هذا التفصيل الامام الغزالي أيضا وغيره من الشافعية، واختار منهم العز بن عبد السلام عدم الثواب مطلقا. قوله: (لا يعاقب بتلك الصلاة ولا يثاب بها) هو معنى ما