للحربي. قوله: (حال كونه غائبا) هذا القيد مأخوذ من مفهومها اللغوي ولم يذكر في الحديث الآتي، والظاهر أنه لو ذكر في وجهه، فهو سب وشتم، وهو حرام أيضا، لأنه أبلغ في الايذاء من حال الغيبة سيما قبل بلوغها المغتاب، وهو أحد تفسيرين لقوله تعالى: * (ولا تلمزوا أنفسكم) * (الحجرات: 11) فقيل هو ذكر ما في الرجل من العيب في غيبته وقيل في وجهه. قوله: (عن أبي هريرة) رواه مسلم في صحيحه وجماعة. قوله: (بما يكره) سواء كان نقصا في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دينه حتى في ثوبه أو داره أو دابته كما في تبيين المحارم. قال ط: وانظر ما لو ذكر من الصغير غير العاقل ما يكره لو كان عاقلا ولم يكن له من يتأذى بذلك من الأقارب اه. وجزم ابن حجر بحرمة غيبة الصبي والمجنون. قوله: (فقد بهته) أي قلت فيه بهتنا: أي كذبا عظيما، والبهتان: هو الباطل الذي يتحير من بطلانه وشدة ذكره. كذا في شرح الشرعة. وفيه أن المستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأن ينكر بلسانه، فإن خاف فبقلبه، وإن كان قادرا على القيام أو قطع الكلام بكلام آخر فلم يفعله لزمه.
كذا في الاحياء اه. وقد ورد بأن المستمع أحد المغتابين وورد من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله تعالى أن يعتقه من النار رواه أحمد بإسناد حسن وجماعة. قوله: (وإذا لم تبلغه إلخ) ليس هذا من الحديث بلا كلام مستأنف. قال بعض العلماء: إذا تاب المغتاب قبل وصولها تنفعه توبته بلا استحلال من صاحبه، فإن بلغت إليه بعد توبته قيل لا تبطل توبته، بل يغفر الله تعالى لهما جميعا:
للأول بالتوبة، وللثاني لما لحقه من المشقة. وقيل بل توبته معلقة، فإن مات الثاني قبل بلوغها إليه فتوبته صحيحة، وإن بلغته فلا بل لا بد من الاستحلال والاستغفار، ولو قال بهتانا فلا بد أيضا أن يرجع إلى من تكلم عندهم ويكذب نفسه. وتمامه في تبيين المحارم. قوله: (وإلا شرط بيان كل ما اغتابه به) أي مع الاستغفار والتوبة، والمراد أن يبين له ذلك ويعتذر إليه ليسمح عنه بأن يبالغ في الثناء عليه والتودد إليه، ويلازم ذلك حتى يطيب قلبه، وإن لم يطب قلبه كان اعتذاره وتودده حسنة يقابل بها سيئة الغيبة في الآخرة، وعليه أن يخلص في الاعتذار وإلا فهو ذنب آخر، ويحتمل أن يبقى لخصمه عليه مطالبة في الآخرة، لأنه لو علم أنه غير مخلص لما رضي به قال الامام الغزالي وغيره. وقال أيضا: فإن غاب أو مات فقد فات أمره. ولا يدرك إلا بكثرة الحسنات لتأخذ عوضا في القيامة، ويجب أن يفصل له إلا أن يكون التفضيل مضرا له كذكره عيوبا يخفيها فإنه يستحل منها مبهما اه.
وقال منلا علي القاري في شرح المشكاة: وهل يكفيه أن يقول اغتبتك فاجعلني في حل أم لا بد أن يبين ما اغتاب؟ قال بعض علمائنا في الغيبة إلا بعلمه بها: بل يستغفر الله له إن علم أن إعلامه يثير فتنة، ويدل عليه أن الابراء عن الحقوق المجهولة جائز عندنا، والمستحب لصاحب الغيبة أن يبرئه عنها. وفي القنية: تصافح الخصمين لأجل العذر استحلال. قال في النووي. ورأيت في فتاوى الطحاوي أنه يكفي الندم والاستغفار في الغيبة، وإن بلغت المغتاب، ولا اعتبار بتحليل الورثة. قوله:
(وصلة الرحم واجبة) نقل القرطبي في تفسيره اتفق الأمة على وجب صلتها وحرمة قطعها للأدلة