حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٧٣١
للحربي. قوله: (حال كونه غائبا) هذا القيد مأخوذ من مفهومها اللغوي ولم يذكر في الحديث الآتي، والظاهر أنه لو ذكر في وجهه، فهو سب وشتم، وهو حرام أيضا، لأنه أبلغ في الايذاء من حال الغيبة سيما قبل بلوغها المغتاب، وهو أحد تفسيرين لقوله تعالى: * (ولا تلمزوا أنفسكم) * (الحجرات: 11) فقيل هو ذكر ما في الرجل من العيب في غيبته وقيل في وجهه. قوله: (عن أبي هريرة) رواه مسلم في صحيحه وجماعة. قوله: (بما يكره) سواء كان نقصا في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دينه حتى في ثوبه أو داره أو دابته كما في تبيين المحارم. قال ط: وانظر ما لو ذكر من الصغير غير العاقل ما يكره لو كان عاقلا ولم يكن له من يتأذى بذلك من الأقارب اه‍. وجزم ابن حجر بحرمة غيبة الصبي والمجنون. قوله: (فقد بهته) أي قلت فيه بهتنا: أي كذبا عظيما، والبهتان: هو الباطل الذي يتحير من بطلانه وشدة ذكره. كذا في شرح الشرعة. وفيه أن المستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأن ينكر بلسانه، فإن خاف فبقلبه، وإن كان قادرا على القيام أو قطع الكلام بكلام آخر فلم يفعله لزمه.
كذا في الاحياء اه‍. وقد ورد بأن المستمع أحد المغتابين وورد من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله تعالى أن يعتقه من النار رواه أحمد بإسناد حسن وجماعة. قوله: (وإذا لم تبلغه إلخ) ليس هذا من الحديث بلا كلام مستأنف. قال بعض العلماء: إذا تاب المغتاب قبل وصولها تنفعه توبته بلا استحلال من صاحبه، فإن بلغت إليه بعد توبته قيل لا تبطل توبته، بل يغفر الله تعالى لهما جميعا:
للأول بالتوبة، وللثاني لما لحقه من المشقة. وقيل بل توبته معلقة، فإن مات الثاني قبل بلوغها إليه فتوبته صحيحة، وإن بلغته فلا بل لا بد من الاستحلال والاستغفار، ولو قال بهتانا فلا بد أيضا أن يرجع إلى من تكلم عندهم ويكذب نفسه. وتمامه في تبيين المحارم. قوله: (وإلا شرط بيان كل ما اغتابه به) أي مع الاستغفار والتوبة، والمراد أن يبين له ذلك ويعتذر إليه ليسمح عنه بأن يبالغ في الثناء عليه والتودد إليه، ويلازم ذلك حتى يطيب قلبه، وإن لم يطب قلبه كان اعتذاره وتودده حسنة يقابل بها سيئة الغيبة في الآخرة، وعليه أن يخلص في الاعتذار وإلا فهو ذنب آخر، ويحتمل أن يبقى لخصمه عليه مطالبة في الآخرة، لأنه لو علم أنه غير مخلص لما رضي به قال الامام الغزالي وغيره. وقال أيضا: فإن غاب أو مات فقد فات أمره. ولا يدرك إلا بكثرة الحسنات لتأخذ عوضا في القيامة، ويجب أن يفصل له إلا أن يكون التفضيل مضرا له كذكره عيوبا يخفيها فإنه يستحل منها مبهما اه‍.
وقال منلا علي القاري في شرح المشكاة: وهل يكفيه أن يقول اغتبتك فاجعلني في حل أم لا بد أن يبين ما اغتاب؟ قال بعض علمائنا في الغيبة إلا بعلمه بها: بل يستغفر الله له إن علم أن إعلامه يثير فتنة، ويدل عليه أن الابراء عن الحقوق المجهولة جائز عندنا، والمستحب لصاحب الغيبة أن يبرئه عنها. وفي القنية: تصافح الخصمين لأجل العذر استحلال. قال في النووي. ورأيت في فتاوى الطحاوي أنه يكفي الندم والاستغفار في الغيبة، وإن بلغت المغتاب، ولا اعتبار بتحليل الورثة. قوله:
(وصلة الرحم واجبة) نقل القرطبي في تفسيره اتفق الأمة على وجب صلتها وحرمة قطعها للأدلة
(٧٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 726 727 728 729 730 731 732 733 734 735 736 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754