من هذا القبيل بأن يأخذه ويلقيه على مال الغير فيتلفه، فصار كأن المكره باشره بنفسه فلزمه الضمان، بخلاف ما لا يصلح آلة كالأكل والوطئ والتكلم، ولذا لو أكره على الاعتاق ضمن المكره، لان المكره في حق الاتلاف يصلح آلة، لكن الولاء للمكره لأنه لا يصلح آلة في حق التكلم. إتقاني وفي الشرنبلالية عن السراج: حتى لو حمله مجوسي على ذبح شاة الغير لا يحل أكلها اه. وسيأتي خلافه. قوله:
(أو سبه) مخالف لما في والقهستاني عن المضمرات من أنه بالملجئ يرخص شتم المسلم، وأنه لو أكره على الافتراء على مسلم يرجى أن يسعه كما في الظهيرية اه. وقال في التاترخانية: ألا ترى أنه لو أكره بمتلف أن يفتري على الله تعالى كان في سعة فهنا أولى، إلا أنه علق الإباحة بالرجاء، وفي الافتراء على الله لم يعلق، لأنها هناك ثابتة بالنص، وهنا ثبت دلالة. قال محمد عقيب هذه المسألة: ألا ترى أنه لو أكره بوعيد تلف على شتم محمد (ص) كان في سعة إن شاء الله تعالى، وطريقه ما قلنا، ولو صير حتى قتل كان مأجورا وكان أفضل اه. قوله: (أو قطع عضوه) أي ولو أذن له المقطوع غير مكره، فإن قطع فهو آثم ولا ضمان على القاطع ولا على المكره، ولو أكره على القتل فأذن له فقتله أثم والدية في مال الآمر. تاترخانية. لكن في الخاني: قال له السلطان اقطع يد فلان وإلا لأقتلنك، وسعه أن يقطع وعلى الآمر القصاص عندهما، ولا رواية عن أبي يوسف اه. ثم رأيت الطوري وفق بأنه إن أكره على القطع بأغلظ منه وسعه، وإن بقطع أو بدونه فلا. تأمل. وأتى بضمير الغيبة العائد على غيره لما في الهندية:
أكره بالقتل على قطع يد نفسه وسعه ذلك، وعلى المكره القود، ولو على قتل نفسه فقتل فلا شئ على المكره اه. وفي المجمع أكره على قطع يده: أي يد الغير ففعل ثم قطع رجله طوعا فمات يوجب أبو يوسف الدية في ماليهما، وأوجبا القصاص عليهما. قوله: (ويقاد في العمد المكره فقط) يعني أنه لا يباح الاقدام على القتل بالملجئ، ولو قتل أثم ويقتص الحامل (1) ويحرم الميراث لو بالغا، ويقتص المكره من الحامل (2) ويرثهما. شرنبلالية. قوله: (خلافا لما في النهاية) من قوله سواء كان الآمر بالغا أو لا عاقلا أو معتوها، فالقود على الآمر وعزاه للمبسوط، ورده في العناية تبعا لشيخه السكاكي صاحب المعراج نقلا عن شيخه علاء الدين عبد العزيز بأن عبارة المبسوط: سواء كان المكره الخ، وهو بفتح الراء فتوهم أنه بالكسر فعبر بالآمر، وهو سهو يؤيده ما قاله أبو اليسر في مبسوطه: ولو كان المكره الآمر صبيا أو مجنونا لم يجب القصاص على أحد، لان القاتل في الحقيقة هذا الصبي أو المجنون وهو ليس بأهل لوجوب العقوبة عليه.
أقول: ولم يذكر الشراح حكم الدية في هذه الصورة، وفي الخانية: تجب على عاقلة المكره: أي بالكسر في ثلاث سنين. قوله: (لان القاتل كالآلة) أي فيما يصلح آلة وهو الاتلاف، بخلاف الاثم لأنه بالجناية على دينه، ولا يقدر أحد أن يجني على دين غيره، وكذا لو أكره مسلم مجوسيا على ذبح شاة، فإنه ينقل الفعل إلى المسلم الآمر في حق الاتلاف، فيجب عليه الضمان، ولا ينقل في حق الحل في