حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٤٢٨
من هذا القبيل بأن يأخذه ويلقيه على مال الغير فيتلفه، فصار كأن المكره باشره بنفسه فلزمه الضمان، بخلاف ما لا يصلح آلة كالأكل والوطئ والتكلم، ولذا لو أكره على الاعتاق ضمن المكره، لان المكره في حق الاتلاف يصلح آلة، لكن الولاء للمكره لأنه لا يصلح آلة في حق التكلم. إتقاني وفي الشرنبلالية عن السراج: حتى لو حمله مجوسي على ذبح شاة الغير لا يحل أكلها اه‍. وسيأتي خلافه. قوله:
(أو سبه) مخالف لما في والقهستاني عن المضمرات من أنه بالملجئ يرخص شتم المسلم، وأنه لو أكره على الافتراء على مسلم يرجى أن يسعه كما في الظهيرية اه‍. وقال في التاترخانية: ألا ترى أنه لو أكره بمتلف أن يفتري على الله تعالى كان في سعة فهنا أولى، إلا أنه علق الإباحة بالرجاء، وفي الافتراء على الله لم يعلق، لأنها هناك ثابتة بالنص، وهنا ثبت دلالة. قال محمد عقيب هذه المسألة: ألا ترى أنه لو أكره بوعيد تلف على شتم محمد (ص) كان في سعة إن شاء الله تعالى، وطريقه ما قلنا، ولو صير حتى قتل كان مأجورا وكان أفضل اه‍. قوله: (أو قطع عضوه) أي ولو أذن له المقطوع غير مكره، فإن قطع فهو آثم ولا ضمان على القاطع ولا على المكره، ولو أكره على القتل فأذن له فقتله أثم والدية في مال الآمر. تاترخانية. لكن في الخاني: قال له السلطان اقطع يد فلان وإلا لأقتلنك، وسعه أن يقطع وعلى الآمر القصاص عندهما، ولا رواية عن أبي يوسف اه‍. ثم رأيت الطوري وفق بأنه إن أكره على القطع بأغلظ منه وسعه، وإن بقطع أو بدونه فلا. تأمل. وأتى بضمير الغيبة العائد على غيره لما في الهندية:
أكره بالقتل على قطع يد نفسه وسعه ذلك، وعلى المكره القود، ولو على قتل نفسه فقتل فلا شئ على المكره اه‍. وفي المجمع أكره على قطع يده: أي يد الغير ففعل ثم قطع رجله طوعا فمات يوجب أبو يوسف الدية في ماليهما، وأوجبا القصاص عليهما. قوله: (ويقاد في العمد المكره فقط) يعني أنه لا يباح الاقدام على القتل بالملجئ، ولو قتل أثم ويقتص الحامل (1) ويحرم الميراث لو بالغا، ويقتص المكره من الحامل (2) ويرثهما. شرنبلالية. قوله: (خلافا لما في النهاية) من قوله سواء كان الآمر بالغا أو لا عاقلا أو معتوها، فالقود على الآمر وعزاه للمبسوط، ورده في العناية تبعا لشيخه السكاكي صاحب المعراج نقلا عن شيخه علاء الدين عبد العزيز بأن عبارة المبسوط: سواء كان المكره الخ، وهو بفتح الراء فتوهم أنه بالكسر فعبر بالآمر، وهو سهو يؤيده ما قاله أبو اليسر في مبسوطه: ولو كان المكره الآمر صبيا أو مجنونا لم يجب القصاص على أحد، لان القاتل في الحقيقة هذا الصبي أو المجنون وهو ليس بأهل لوجوب العقوبة عليه.
أقول: ولم يذكر الشراح حكم الدية في هذه الصورة، وفي الخانية: تجب على عاقلة المكره: أي بالكسر في ثلاث سنين. قوله: (لان القاتل كالآلة) أي فيما يصلح آلة وهو الاتلاف، بخلاف الاثم لأنه بالجناية على دينه، ولا يقدر أحد أن يجني على دين غيره، وكذا لو أكره مسلم مجوسيا على ذبح شاة، فإنه ينقل الفعل إلى المسلم الآمر في حق الاتلاف، فيجب عليه الضمان، ولا ينقل في حق الحل في

(1) قوله: (ويقتص الحامل) هكذا بخطه ولعله سقط من قلمه كلمة من والأصل من الحامل تأمل ا ه‍ مصححه.
(2) قوله: (ويقتص المكره من الحامل) صورته: أكره رجل أخاه على قتل ابن الأخ فقتل المكره ابنه يقتص من الحامل ويرث المكره ابنه والحامل وان كان قتلهما من جهته تأمل ا ه‍ منه.
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754