لوجود الرضا. قوله: (لما مر) تعليل لتفسير النفاذ باللزوم، ومقتضاه أن النفاذ واللزوم متغايران، فيراد بالنفوذ الانعقاد وباللزوم الصحة، فبيع المكره نافذ: أي منعقد لصدوره من أهله في محله والمنعقد منه صحيح. ومنه فاسد، وهذا العقد فاسد، لان من شروط الصحة الرضا وهو هنا مفقود، فإذا وجد ولزم، وهذا موافق لما مر أن النافذ مقابل للموقوف، فإن الموقوف كما في بيوع البحر ما لا حكم له ظاهرا: يعني لا يفيد حكمه قبل وجود ما توقف عليه، وهذا يفيد حكمه وهو الملك قبل الرضا، لكن بشرط القبض كما في سائر البيوع الفاسدة، وهذا منها عندنا كما صرحوا به قاطبة خلافا لزفر.
فظهر بهذا التقرير: أن اللزوم أمر وراء النفاذ كما حققه ابن الكمال حيث نقل عن شرح الطحاوي أنه إذا تداولته الأيدي فله فسخ العقود كلها، وأيا أجازه جازت كلها لأنها كانت نافذة، إلا أنه كان له الفسخ لعدم الرضا اه. فهذا صريح في أن النفاذ كان موجودا قبل الرضا، وأن الموقوف على الرضا أمر آخر، وهو لزومها وصحتها فتعين أن يفسر قوله: نفذ بلزم، وبالجملة فالرضا شرط اللزوم لا النفاذ، ولكن هذا مخالف لما في كتاب الأصول كالتوضيح والتلويح والتقرير وشرح التحرير وشروح المنار حيث قالوا: إن بيع المكره ينعقد فاسدا لعدم الرضا الذي هو شرط النفاذ، فلو أجازه بعد زوال الاكراه صريحا أو دلالة بقبض الثمن أو تسليم المبيع طوعا صح لتمام الرضا والفساد كان لمعنى وقد زال اه. وهذا موافق لما قاله المصنف، ولقول صدر الشريعة: إن الاكراه يمنع النفاذ، فالمراد في كلامهم بالنفاذ اللزوم فهما بمعنى واحد وهو الصحة. وبه يحصل التوفيق بينه وبين ما في شرح الطحاوي، وظهر به أن تعبير المصنف بقوله: نفذ كالوقاية والدرر لا اعتراض عليه، ولا لوم لموافقته لكلام القوم، واندفع تشنيع ابن الكمال المار على صدر الشريعة بالكلمات الفظيعة، والله تعالى الموفق لا رب سواه. قوله: (أن ما لا يصح مع الهزل) كالبيع والشراء. قوله: (وما يصح) أي مع الهزل وهو ما يستوي فيه الجد والهزل كالطلاق والعتاق. قوله: (يجوز بالإجازة) أي ينقلب صحيحا بها، بخلاف غيره من البيوع الفاسدة كبيع درهم بدرهمين مثلا لا يجوز، وإن أجازاه لان الفساد فيه لحق الشرع. قوله:
(والفعلية) كقبض الثمن وتسليم المبيع طوعا. قوله: (المشترى منه) أي من البائع المكره. قوله: (وإن تداولته الأيدي) لان الاسترداد فيه لحقه لا لحق الشرع. قوله: (وقت الاعتاق دون وقت القبض) مخالف لما في البزازية حيث قال: إن احتمل النقض نقضه وإلا يحتمل يضمن المكره قيمته يوم التسليم إلى المشتري، وإن شاء ضمن المشتري يوم قبضه أو يوم أحدث فيه تصرفا لا يحتمل النقض، لأنه أتلف به حق الاسترداد، بخلاف المشتري شراء فاسدا حيث لا يضمنه يوم الاحداث بل يوم قبضه اه. ومثله في غاية البيان، فكان عليه أن يقول: له تضمين القيمة يوم الاعتاق أو القبض. قوله: (الثمن) أي فيما إذا كان المكره هو البائع، وقوله: والمثمن أي فيما إذا كان هو المشتري. قوله: (أماة في يد المكره)