حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٤٢٣
لوجود الرضا. قوله: (لما مر) تعليل لتفسير النفاذ باللزوم، ومقتضاه أن النفاذ واللزوم متغايران، فيراد بالنفوذ الانعقاد وباللزوم الصحة، فبيع المكره نافذ: أي منعقد لصدوره من أهله في محله والمنعقد منه صحيح. ومنه فاسد، وهذا العقد فاسد، لان من شروط الصحة الرضا وهو هنا مفقود، فإذا وجد ولزم، وهذا موافق لما مر أن النافذ مقابل للموقوف، فإن الموقوف كما في بيوع البحر ما لا حكم له ظاهرا: يعني لا يفيد حكمه قبل وجود ما توقف عليه، وهذا يفيد حكمه وهو الملك قبل الرضا، لكن بشرط القبض كما في سائر البيوع الفاسدة، وهذا منها عندنا كما صرحوا به قاطبة خلافا لزفر.
فظهر بهذا التقرير: أن اللزوم أمر وراء النفاذ كما حققه ابن الكمال حيث نقل عن شرح الطحاوي أنه إذا تداولته الأيدي فله فسخ العقود كلها، وأيا أجازه جازت كلها لأنها كانت نافذة، إلا أنه كان له الفسخ لعدم الرضا اه‍. فهذا صريح في أن النفاذ كان موجودا قبل الرضا، وأن الموقوف على الرضا أمر آخر، وهو لزومها وصحتها فتعين أن يفسر قوله: نفذ بلزم، وبالجملة فالرضا شرط اللزوم لا النفاذ، ولكن هذا مخالف لما في كتاب الأصول كالتوضيح والتلويح والتقرير وشرح التحرير وشروح المنار حيث قالوا: إن بيع المكره ينعقد فاسدا لعدم الرضا الذي هو شرط النفاذ، فلو أجازه بعد زوال الاكراه صريحا أو دلالة بقبض الثمن أو تسليم المبيع طوعا صح لتمام الرضا والفساد كان لمعنى وقد زال اه‍. وهذا موافق لما قاله المصنف، ولقول صدر الشريعة: إن الاكراه يمنع النفاذ، فالمراد في كلامهم بالنفاذ اللزوم فهما بمعنى واحد وهو الصحة. وبه يحصل التوفيق بينه وبين ما في شرح الطحاوي، وظهر به أن تعبير المصنف بقوله: نفذ كالوقاية والدرر لا اعتراض عليه، ولا لوم لموافقته لكلام القوم، واندفع تشنيع ابن الكمال المار على صدر الشريعة بالكلمات الفظيعة، والله تعالى الموفق لا رب سواه. قوله: (أن ما لا يصح مع الهزل) كالبيع والشراء. قوله: (وما يصح) أي مع الهزل وهو ما يستوي فيه الجد والهزل كالطلاق والعتاق. قوله: (يجوز بالإجازة) أي ينقلب صحيحا بها، بخلاف غيره من البيوع الفاسدة كبيع درهم بدرهمين مثلا لا يجوز، وإن أجازاه لان الفساد فيه لحق الشرع. قوله:
(والفعلية) كقبض الثمن وتسليم المبيع طوعا. قوله: (المشترى منه) أي من البائع المكره. قوله: (وإن تداولته الأيدي) لان الاسترداد فيه لحقه لا لحق الشرع. قوله: (وقت الاعتاق دون وقت القبض) مخالف لما في البزازية حيث قال: إن احتمل النقض نقضه وإلا يحتمل يضمن المكره قيمته يوم التسليم إلى المشتري، وإن شاء ضمن المشتري يوم قبضه أو يوم أحدث فيه تصرفا لا يحتمل النقض، لأنه أتلف به حق الاسترداد، بخلاف المشتري شراء فاسدا حيث لا يضمنه يوم الاحداث بل يوم قبضه اه‍. ومثله في غاية البيان، فكان عليه أن يقول: له تضمين القيمة يوم الاعتاق أو القبض. قوله: (الثمن) أي فيما إذا كان المكره هو البائع، وقوله: والمثمن أي فيما إذا كان هو المشتري. قوله: (أماة في يد المكره)
(٤٢٣)
مفاتيح البحث: البيع (3)، المنع (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754