المبانة أو المختلعة فيلحقها صريح الطلاق عند أصحابنا وقال الشافعي لا يلحقها وجه قوله إن الطلاق تصرف في الملك بالإزالة والملك قد زال بالخلع والإبانة وإزالة الزائل محال ولهذا لم يصح الخلع والإبانة ولنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال المختلعة يلحقها صريح الطلاق ما دامت في العدة وهذا نص في الباب ولأنها بالخلع والإبانة لم تخرج من أن تكون محلا للطلاق لان حكم الطلاق إن كان ما ينبئ عنه اللفظ لغة وهو الانطلاق والتخلي وزوال القيد فهي محل لذلك لأنها مقيدة في حال العدة لأنها ممنوعة عن الخروج والبروز والتزوج بزوج آخر والقيد هو المنع وإن كان مالا ينبئ عنه اللفظ لغة وهو زوال حل المحلية شرعا فحل المحلية قائم لأنه لا يزول الا بالطلقات الثلاث ولم توجد فكانت المبانة والمختلعة محلين للطلاق وبه تبين ان قوله الطلاق تصرف في الملك بالإزالة غير سديد لان زوال الملك لا ينبئ عنه اللفظ لغة ولا يدل عليه شرعا ألا ترى ان الطلاق الرجعي واقع ولا يزول الملك بالاجماع ولو راجعها لا ينعدم الطلاق بل يبقى أثره في حق زوال المحلية وان انعدم أثره في حق زوال الملك بخلاف الإبانة لأنها إزالة الملك والملك دليل وأما الكناية فهل يلحقها ينظر إن كانت رجعية وهي ألفاظ وهي قوله اعتدى واستبرئ رحمك وأنت واحدة يلحقها في ظاهر الرواية وروى عن أبي يوسف انه لا يلحقها حتى لو قال لها اعتدى لا يلحقا شئ وجه هذه الرواية ان هذه كناية والكناية لا تعمل الا في حال قيام الملك كسائر الكنايات وجه ظاهر الرواية ان الواقع بهذا النوع من الكناية رجعي فكان في معنى الصريح فيلحق الخلع والإبانة في العدة كالصريح وإن كانت بائنة كقوله أنت بائن ونحوه ونوى الطلاق لا يلحقها بلا خلاف لان الإبانة قطع الوصلة والوصلة منقطعة فلا يتصور قطعها ثانيا بخلاف الطلاق لأنه إزالة القيد وإزالة حل المحلية وكل ذلك قائم ولأنه يمكن تصحيح هذا الكلام بطريق الاخبار لان المخبر به على ما أخبره ولا يمكن تصحيحه بطريق الانشاء لان إبانة المبان محال فيصحح بطريق الاخبار لأنه يكون كذبا فيصحح بطريق الانشاء ولان الإبانة تحريم شرعا وهي محرمة وتحريم المحرم محال وسواء نجز الإبانة في حال قيام العدة أو علقها بشرط بان قال لها في العدة ان دخلت هذه الدار فأنت بائن ونوى الطلاق حتى لو دخلت الدار وهي في العدة لا يقع الطلاق لان الإبانة قطع الوصلة فلا ينعقد الا في حال قيام الوصلة وهو الملك ولم يوجد فلا ينعقد ولو قال لامرأته ان دخلت الدار فأنت بائن أو حرم ونحو ذلك ثم أبانها أو خالعها ثم دخلت الدار وهي في العدة وقعت عليها تطليقة بالشرط في قول أصحابنا الثلاثة وقال زفر لا يقع ويبطل التعليق وجه قوله إن التعليق بالشرط يصير تنجيزا عند الشرط تقديرا ولو نجز الإبانة عند الشرط لا يقع شئ لعدم الملك (ولنا) ان التعليق وقع صحيح لقيام الملك عند وجوده من كل وجه فانعقد موجبا للبينونة وزوال الملك عند وجود الشرط من كل وجه الا ان الإبانة الطارئة أوجبت زوال الملك من وجه للحال وبقى من وجه حال قيام العدة لقيام بعض آثار الملك فخرج التعليق من أن يكون سببا لزوال الملك عند الشرط من كل وجه لزوال الملك من وجه للحال بالتنجيز فبقي سببا لزوال الملك من وجه وفيه تصحيح التصرفين في حق الحكم بقدر الامكان فكان أولى من تصحيح أحدهما وابطال الآخر بخلاف تنجيز الإبانة على المعتدة المبانة وتعليقها انهما لا يصحان لان ثمة الملك وقت التنجيز والتعليق قائم من وجه دون وجه فقيامه من وجه لقيام العدة يوجب الصحة وزواله من وجه يمنع الصحة وما لم تعرف صحته إذا وقع الشك في صحته لا يصح بالشك بخلاف التعليق في مسألتنا لأنه وقع صحيحا بيقين لقيام الملك من كل وجه فتنجيز الإبانة المعترضة يقع الشك في بطلانه فلا يبطل مع الشك فهو الفرق بين الفصلين والله عز وجل أعلم ولو آلى منها لم يصح ايلاؤه في حكم البر لان الايلاء في حق أحد الحكمين وهو البر تعليق الإبانة شرعا وشرط البر وهو عدم القربان في المدة وقيام الملك شرط صحة الإبانة تنجيزا كان أو تعليقا كما في التعليق الحقيقي على ما مر لان الطلاق في الايلاء إنما يقع عند مضى المدة من غير قربانها ويصير فيه ظالما يمنع حقها في الوطئ في المدة ولا حق للمبانة والمختلعة في الوطئ فلا يصح الايلاء في حق الطلاق ولو آلى من زوجته ثم أبانها ونوى الطلاق أو خلعها قبل مضي أربعة أشهر ثم مضت أربعة أشهر قبل أن يقربها وهي في العدة وقع الطلاق
(١٣٥)