والأعراب أقوى مما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مولود امرأة العجلاني قبل يكون ثم كان كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم والأغلب على من سمع الفزاري يقول للنبي صلى الله عليه وسلم إن امرأتي ولدت غلاما أسود وعرض بالقذف أنه يريد القذف ثم لم يحده النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن التعريض ظاهر قذف فلم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم عليه حكم القاذف والأغلب على من سمع قول ركانة لامرأته أنت طالق البتة أنه يعقل أنه قد أوقع الطلاق بقوله طالق وأن البتة إرادة شئ غير الأول أنه أراد الابتات بثلاث ولكنه لما كان ظاهرا في قوله واحتمل غيره لم يحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بظاهر الطلاق وذلك واحدة (قال الشافعي) فمن حكم على الناس بخلاف ما ظهر عليهم استدلالا على أن ما أظهروا يحتمل غير ما أظهروا بدلالة منهم أو غير دلالة لم يسلم عندي من خلاف التنزيل والسنة وذلك أن يقول قائل من رجع عن الاسلام ممن ولد على الاسلام قتلته ولم أستتبه ومن رجع عنه ممن لم يولد على الاسلام استتبته ولم يحكم الله تعالى على عباده إلا حكما واحدا مثل أن يقول من رجع عن الاسلام ممن أظهر نصرانية أو يهودية أو دينا يظهر كالمجوسية استتبته فإن أظهر التوبة قبلت منه ومن رجع إلى دين يخفيه لم أستتبه (قال الشافعي) وكل قد بدل دينه دين الحق ورجع إلى الكفر فكيف يستتاب بعضهم ولا يستتاب بعض وكل باطل فإن قال لا أعرف توبة الذي يسر دينه، قيل ولا يعرفها إلا الله وهذا مع خلافه حكم الله ثم رسوله كلام مجال يسأل من قال هذا هل تدرى لعل الذي كان أخفى الشرك يصدق بالتوبة والذي كان أظهر الشرك يكذب بالتوبة؟ فإن قال نعم قيل فتدري لعلك قتلت المؤمن الصادق بالايمان واستحييت الكاذب بإظهار الايمان فإن قال ليس على إلا الظاهر قيل فالظاهر فيهما واحد وقد جعلته اثنين بعلة محالة والمنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يظهروا يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية بل كانوا يستسرون بدينهم فيقبل منهم ما يظهرون من الايمان فلو كان قائل هذا القول حين خالف السنة أحسن أن يعتل بشئ له وجه ولكنه يخالفها ويعتل بما لا وجه له كأنه يرى النصرانية واليهودية لا تكون إلا بإتيان الكنائس، أرأيت إذا كانوا ببلاد لا كنائس فيها أما يصلون في بيوتهم فتخفى صلاتهم على غيرهم؟ قال وما وصفت من حكم الله ثم حكم رسوله صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين أن جاءت به المتلاعنة على النعت المكروه يبطل حكم الدلالة التي هي أقوى من الذرائع فإذا أبطل الأقوى من الدلائل أبطل له الأضعف من الذرائع كلها وأبطل الحد في التعريض بالدلالة، فإن من الناس من يقول: إذا تشاتم الرجلان فقال أحد ما ما أبي بزان ولا أمي بزانية حد لأنه إذا قاله على المشاتمة فالأغلب إنما يريد به قذف أم الذي يشاتم وأبيه وإن قاله على غير المشاتمة لم أحده إذا قال لم أرد القذف مع إبطال رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم التعريض في حديث الفزاري الذي ولدت امرأته غلاما أسود فإن قال قائل فإن عمر حد في التعريض في مثل هذا قيل واستشار أصحابه فخالفه بعضهم ومع من خالفه ما وصفنا من الدلالة ويبطل مثله من قول الرجل لامرأته أنت طالق البتة لأن طالق إيقاع طلاق ظاهر والبتة تحتمل زيادة في عدد الطلاق وغير زيادة فعليه الظاهر والقول قوله في الذي يحتمل غير الظاهر حتى لا يحكم عليه أبدا إلا بظاهر ويجعل القول قوله في غير الظاهر قال وهذا يدل على أنه لا يفسد عقد أبدا إلا بالعقد نفسه لا يفسد بشئ تقدمه ولا تأخره ولا بتوهم ولا بأغلب وكذلك كل شئ لا نفسده إلا بعقده ولا نفسد البيوع بأن يقول هذه ذريعة وهذه نية سوء ولو جاز أن نبطل من البيوع بأن يقال متى خالف أن تكون ذريعة إلى الذي لا يحل كان أن يكون اليقين من البيوع بعقد ما لا يحل أولى أن يرد به من الظن ألا ترى أن رجلا لو
(٣١٢)