حتى وقع على حاجبيه وأنفه ولحيته وصدره فقضى فيه عثمان بن عفان رضي الله عنه اثني عشر ألف درهم وكانت الدراهم يومئذ وزن ستة (قال الشافعي) روى مكحول وعمرو بن شعيب وعدد من الحجازيين أن عمر فرض الدية اثني عشر ألف درهم ولم أعلم بالحجاز أحدا خالف فيه عن الحجازيين ولا عن عثمان بن عفان وممن قال الدية اثنا عشر ألف درهم ابن عباس وأبو هريرة وعائشة ولا أعلم بالحجاز أحدا خالف في ذلك قديما ولا حديثا ولقد روى عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بالدية اثني عشر ألف درهم وزعم عكرمة أنه نزل فيه (وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) فزعم محمد بن الحسن عن عمر حديثين مختلفين قال في أحدهما فرض الدية عشرة آلاف درهم وقال في الآخر اثني عشر ألفا وزن ستة قلت لمحمد بن الحسن أفتقول إن الدية اثنا عشر ألف درهم وزن ستة فقال لا (1) فقلت من أين زعمت أن كنت أعلم بالدية فيما زعمت من أهل الحجاز لأنك من أهل الورق ولأنك عن عمر قلتها فإن عمر قضى فيها بشئ لا تقضي به قال لم تكونوا تحسبون قلت أفتروي شيئا تجعله أصلا في الحكم فأنت تزعم أن من تروي عنه لا يعرف قضى به وكيف تقضي بالدية وزن سبعة أفرأيت ما جعلت فيه الزكاة وغير ذلك مما جعلت فيه القطع وجاء تسمية دراهم ليس فيها وزن ستة ولا وزن سبعة وقال لك قائل بل هي على وزن ستة لا وزن سبعة لأن عمر لا يفرض الدية وزن ستة ويفرض فيما سواها وزن سبعة ما تقول؟ قال أقول إن الدراهم إذا جاءت جملة فهي على وزن الاسلام قلنا: فكيف أخرجت الدية من وزن الاسلام إذا كان وزن الاسلام عندك وزن سبعة ثم زعمت أنك أعلم بالدية منهم لأنكم من أهلها وزعمت لنا أن الدراهم إنما كانت صنفين، أحدهما الدرهم وزن مثقال والآخر كل عشرة دراهم وزن ستة حتى ضرب زياد دراهم الاسلام فلو قال لك قائل كل درهم جاءت به الزكاة أو في الدية أو في القطع أو غير ذلك فهو يوزن المثقال وقال آخر بوزن ستة وقال آخر كل درهم فهو بوزن الاسلام (3) قيل له فهكذا ينبغي لك أن تقول في الدية (قال الشافعي) يقول لقائل قوله أرأيت لو قال لك قائل قد خرجت من حديث أبي إسحاق الهمداني إن الدية اثنا عشر ألفا وزن ستة ومن حديث الشعبي أن الدية عشرة آلاف درهم لأنه لم يذكر فيما تروون فيها وزن ستة كما حدث أبو إسحاق لأن أبا إسحاق يذكر وزن ستة فهو أولى بها وقال آخرون وزن المثاقيل لأن الأكثر أولى بها فإن قال بل وزن الاسلام فادعى محمد على أهل الحجاز أنهم أعلم بالدية منهم وإنما عمر قبل الدية من أهل الورق ولم يجعل لهم أنهم أعلم بالدية منه إذا كان منهم فمن كان الحاكم منهم أولى بالمعرفة بالدراهم منه إذا كان الحكم إنما وقع بالحاكم وقال محمد بن الحسن فرض المسلمون الزكاة في كل عشرين دينارا وفي مائتي درهم كل دينار بعشرة دراهم فإن قيل له ومن أخبرك أنهم فرضوا الزكاة قياسا؟ أرأيت إذا فرضت الزكاة في أربعين من الغنم وفي ثلاثين من البقر أقاسوا البقر على الغنم؟ فإن قاسوها فالقياس لا يصلح إلا عددا وعدد البقر أقل من عدد الغنم أو بالقيمة فقيمة ثلاثين من البقر أكثر من قيمة أربعين من الغنم وهكذا خمس من الإبل لا عددها عدد واحد منها ولا قيمتها قيمة واحد منها قال ما الزكاة بقياس قلنا ولذلك كانت الدواب سوى البقر والغنم والإبل لا زكاة فيها والتبر سوى الذهب والورق لا زكاة فيه وكل واحد منها أصل في نفسه لا قياس على غيره قال نعم قلنا فكيف زعمت أن الذهب يقاس على الورق والورق يقاس على الذهب فإن زعمت أن أحدهما قياس على الآخر فأيهما
(٣٢٤)