باب في الجنين قال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه في الرجل يضرب بطن الأمة فتلقى جنينا ميتا إن كان غلاما ففيه نصف عشر قيمته لو كان حيا وإن كان جارية ففيها عشر قيمتها لو كانت حية وقال أهل المدينة فيه عشر قيمة أمه وقال محمد بن الحسن كيف فرض أهل المدينة في جنين الأمة الذكر والأنثى شيئا واحدا وأنما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين الحرة غرة عبدا أو أمة فقدر ذلك بخمسين دينارا والخمسون من دية الرجل نصف عشر ديته ومن دية المرأة عشر ديتها وينبغي أن يكون ذلك أيضا من قيمة الجنين لو كان حيا ليس من قيمة أمه أرأيتم لو ألقت الجنين حيا فمات كم كان يكون فيه؟ أليس إنما يكون فيه قيمته لا اختلاف بيننا وبينكم في ذلك؟ قالوا بلى قيل لهم فما تقولون إن كانت قيمته عشرين دينارا فغرم قاتله عشرين دينارا ثم ألقت آخر ميتا أليس يغرم في قولكم عشر ثمن أمه وأمه جارية تساوي خمسمائة؟ دينار قالوا بلى يغرم عشر قيمتها وهو خمسون دينارا قيل لهم فيكون القاتل غرم في الذي ألقته حيا أقل من الذي غرم فيه ميتا وإنما ينبغي أن يغرم أكثر في الذي ألقته حيا لأنه يغرم في الجنين الحر إذا ألقته حيا فمات الدية كاملة وإذا ألقته ميتا غرم غرة وإنما ينبغي أن يقاس جنين الأمة على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين الحرة فيغرم في الميت أقل مما يغرم في الحي وقد غرمتموه أنتم في جنين الأمة إذا كان حيا فمات (قال الشافعي) رحمه الله تعالى إذا ضرب الرجل بطن الأمة فألقت جنينا حيا ثم مات ففي الجنين قيمة نفسه فإذا ألقته ميتا ففيه عشر قيمة أمه لأنه ما لم تعرف فيه حياة فإنما حكمه حكم أمه إذا لم يكن حرا في بطنها وهكذا قال بن المسيب والحسن وإبراهيم النخعي وأكثر من سمعنا منه من مفتي الحجازيين وأهل الآثار فخالفنا محمد بن الحسن وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى في جنين الأمة فقالا فيه إذا خرج فيه حيا كما قلنا وقالا فيه إذا خرج ميتا فإن كان غلاما ففيه نصف عشر قيمته لو كان حيا وإن كان جارية ففيها عشر قيمتها لو كانت حية (قال الشافعي) وكلمني محمد بن الحسن وغيره ممن يذهب مذهب بما سأحكي إن شاء الله تعالى وإن كنت لعلي لا أفرق بين كلامه وكلام غيره وأكثر كلامه فقال من أين قلت هذا؟ قلت أما نصا فعن سعيد بن المسيب والحسن وإبراهيم قال ليس يلزمني قول واحد من هؤلاء ولا يلزمك قلت ولكن ربما غالطت بقول الواحد منهم وقلت قلته قياسا على السنة قال إنا لنزعم أن قولنا هو القياس على السنة والمعقول قلت فإن شئت فأسأل وإن شئت سألتك قال سل فقلت أليس الأصل جنين الحرة؟ قال بلى قلت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين الحرة بغرة ولم يذكر عنه أنه سأل عنه أذكر وأنثى فكان الجنين هو الحمل قلنا فلما كان الجنين واحدا فسواء كان ذكرا أو أنثى؟ قال بلى قلت هكذا قلنا فجمعنا بين جنينها فجعلنا في كل واحد منهما خمسا من الإبل وخمسين دينارا إذا لم تكن غرة قلت أفرأيت لو خرجا حيين فماتا قال ففي الغلام مائة من الإبل وفي الجارية خمسون قلنا وسواء كانا ابني أم ولد من سيدها قيمة أمهما عشرون دينارا أو كانا ابني حرة لا يلتفت إلى أمهما قال نعم إنما حكمهما حكم أنفسهما مختلفين في الذكر منهما مائة من الإبل وفي الأنثى خمسون قلت ثم سويت بينهما إذا لم يكن فيهما حياة أليس هذا يدل على أن حكمهما حكم غيرهما لا حكم أنفسهما؟ قال فلا أعطيك ذلك ولكن أجعل حكمهما حكم أنفسهما بكل حال قلت فإذا لم تعط هذا فكيف فرقت بين حكمهما إذا عرفت حياتهما ولم تعرف قال اتباعا قلت في الجنينين من الحرة دلالة من خبر بأن حكمهما حكم أنفسهما أم إنما قلت يحتمل أن يكون حكمهما حكم
(٣٣٠)