الحجة في هذا؟ قيل السنة فإن قال وأين السنة؟ قلنا إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي العين خمسون) فإن أصاب الصحيح عين الأعور أصاب عينا أو عينين فإن قال عينا قلنا فإنما جعل رسول الله في العين خمسين فمن جعل فيها أكثر من الخمسين فقد خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قال فهل من حجة أكثر من هذا قلنا لا أكثر من السنة هي الغاية وما دونها تبع لها فإن قال ففيها زيادة؟ قيل نعم موجود في السنة إذا كان في العين خمسون وفي العينين مائة فإذا كانتا إذا فقئتا معا كانت فيهما مائة فما بالهما إذا فقئتا معا يكون في كل واحدة منهما خمسون وإذا فقئت إحداهما بعد ذهاب الأخرى كانت فيها مائة أزاد تفرق الجناية في عقلها أو خالف تفريق الجناية بينهما أو رأيت لو أن رجلا أقطع اليد والرجلين قطعت يده الباقية أليس إن جعلنا فيه خمسين فقد جعلناها في جميع ما في بطشه ووافقنا السنة ولم نزد على الجاني غير جنايته وإن جعلنا فيها مائة من الإبل كنا قد جعلنا عليه ما لم يجن وخالفنا ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في اليد، والله سبحانه أعلم.
باب ما لا يجب فيه أرش معلوم قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى في العين القائمة إذا فقئت وفي اليد الشلاء إذا قطعت وفي كل نافذة في عضو من الأعضاء أنه ليس في شئ من ذلك أرش معلوم وفي ذلك كله حكومة عدل أخبرني أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في العين قائمة واليد الشلاء والرجل العرجاء واللسان الأخرس وذكر الخصي حكومة عدل وقال بعض أهل المدينة بمثل قول أبي حنيفة منهم مالك بن أنس قال نرى في ذلك الاجتهاد وقال بعضهم في العين القائمة إذا فقئت مائة دينار وكل نافذة من عضو من الأعضاء ثلث دية ذلك العضو (قال الشافعي) وفي ذكر الخصي الدية وكذلك ذكر الرجل تقطع أنثياه ويبقى ذكره تاما كما هو فإن قال قائل ما الحجة؟ قيل أرأيت الذكر إذا كانت فيه دية أبخبر لازم هي فإن قال نعم قيل ففي الخبر اللازم أنه ذكر غير خصي فإن قال لا قيل فلم خالفتم الخبر؟ فإن قال لأنه لا يحبل قيل أفرأيت الصبي يقطع ذكره أو الشيخ الذي قد انقطع عنه أمر النساء أو المخلوق خلقا ضعيفا لا يتحرك فإن زعم أن في هذه الدية فقد جعلوها فيما لا يحبل ولا يجامع به وذكر الخصي يجامع به أشد ما كان الجماع قط ولا أعلم في الذكر نفسه منفعة إلا مجرى البول والجماع وهما قائمان وجماعه أشد من جماع غير الخصي فأمر الولد فشئ ليس من الذكر إنما هو بمني يخرج من الصلب قال الله عز وجل (يخرج من بين الصلب والترائب) ويخرج فيكون ولا يكون ومن أعجب قول أبي حنيفة أنه زعم إن قطع أولا ثم قطعت الأنثيان بعد ففي الذكر الدية وفي الأنثيين الدية وإن قطعت الأنثيان قبل ثم قطع الذكر ففي الأنثيين الدية وفي الذكر حكومة عدل فإن قالوا فإنما أبطلنا الدية في الذكر إذا ذهب الأنثيان لأن أداته التي يحبل بها الأنثيان فهل في الأنثيين منفعة أو جمال غير أنهما أداة للذكر فإن قالوا لا، قيل لهم أرأيتم الذكر إذا استؤصل فعلمنا أنه لا يبقى منه شئ يصل إلى فرج امرأة فتحبل به لم زعمتم أن في الأنثيين الدية إذ الأنثيان إذا كانتا أداة الذكر أولى أن لا يكون فيهما دية لأنه لا منفعة فيهما ولا جمال إلا أن تكونا أداة للذكر وقد ذهب الذكر والذكر فيه منفعة بالجماع فأبطلتم فيه الدية وفيه منفعة وهو الذي له الأداة وأثبتموها في الأنثيين اللتين لا منفعة فيهما وإنما هما أداة لغيرهما وقد بطلتا بأن ذهب الشئ الذي هما أداة له والذكر لا يبطل بذهاب أداته لأنه يجامع به وتنال منه فإن قالوا فإنما جعلناها على الأسماء