باب الطلاق قال أبو يوسف عن الأشعث بن سوار عن الحكم عن إبراهيم عن ابن مسعود أنه كان يقول في الحرام إن نوى يمينا فيمين وإن نوى طلاقا فطلاق وهو ما نوى من ذلك. وإذا قال الرجل كل حل على حرام فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى عنه كان يقول القول قول الزوج فإن لم يعن طلاقا فليس بطلاق وإنما هي يمين يكفرها وإن عنى الطلاق ونوى ثلاثا فثلاث وإن نوى واحدة فواحدة بائنة وإن نوى طلاقا ولم ينو عددا فهي واحدة بائنة وكذلك إذا قال لامرأته هي على حرام وكذلك إذ قال لامرأته خلية أو برية أو بائن أو بتة فالقول قول الزوج وهو ما نوى إن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وإن نوى ثلاثا فثلاث بلغنا ذلك عن شريح وإن نوى اثنتين فهي واحدة بائنة وإن لم ينو طلاقا فليس بطلاق غير أن عليه اليمين ما نوى طلاقا وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول في جميع ما ذكرت هي ثلاث تطليقات لا ندينه في شئ منها ولا نجعل القول قوله في شئ من ذلك (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل لامرأته أنت على حرام فإن نوى طلاقا فهو طلاق وهو ما أراد من عدد الطلاق والقول في ذلك قوله مع يمينه وإن لم يرد طلاقا فليس بطلاق ويكفر كفارة يمين قياسا على الذي يحرم أمته فيكون عليه فيها الكفارة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم أمته فأنزل الله عز وجل (لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك) وجعلها الله يمينا فقال (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) وإذا قال الرجل لامرأته أمرك في يدك فقالت قد طلقت نفسي ثلاثا فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول إذا كان الزوج نوى ثلاثا فهي ثلاث وإن كان نوى واحدة فهي واحدة بائنة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول هي ثلاث ولا يسأل الزوج عن شئ (قال الشافعي) وإذا خير الرجل امرأته أو ملكها أمرها فطلقت نفسها تطليقة فهو يملك الرجعة فيها كما يملكها لو ابتدأ طلاقها، وكان أبو حنيفة يقول في الخيار إن اختارت نفسها فواحدة بائنة وإن اختارت زوجها فلا شئ وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول إن اختارت نفسها فواحدة يملك بها الرجعة وإن اختارت زوجها فلا شئ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل لامرأته ولم يدخل بها أنت طالق أنت طالق بانت بالأولى ولم يكن عليها عدة فتلزمها الثنتان وإنما أحدث كل واحدة منهما لها وهي بائن منه حلال لغيره وهكذا قال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وإذا قال الرجل لامرأته ولم يدخل بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق طلقت بالتطليقة الأولى ولم يقع عليها التطليقتان الباقيتان وهذا قول أبي حنيفة بلغنا عن عمر بن الخطاب وعن علي وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وإبراهيم بذلك لأن امرأته ليست عليها عدة فقد بانت منه بالتطليقة الأولى وحلت للرجال ألا ترى أنها لو تزوجت بعد التطليقة الأولى قبل أن يتكلم بالثانية زوجا كان نكاحها جائزا فكيف يقع عليها الطلاق وهي ليست بامرأته وهي امرأة غيره وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول عليها الثلاث التطليقات إذا كانت من الرجل في مجلس واحد على ما وصفت لك وإذا شهد شاهد على رجل أنه طلق امرأته واحدة وشهد آخر أنه طلقها اثنتين فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول شهادتهما باطلة لأنهما قد اختلفا وكان ابن أبي ليلى يقول يقع عليها من ذلك تطليقة لأنهما قد اجتمعا عليها وبهذا يأخذ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا شهد الرجل أنه سمع رجلا يقول لامرأته أنت طالق واحدة وشهد آخر أنه سمعه يقول لها أنت طالق ثنتين فهذه شهادة مختلفة فلا تجوز ولو شهدا فقالا نشهد أنه طلق امرأته وقال أحدهما قد أثبت الطلاق ولم أثبت عدده وقال الآخر قد أثبت
(١٦٦)