قلت للشافعي فإنا نقول لا يجوز هذا إنما يسمح بحضرة ذلك ومن صنع مثل هذا استأنف فقال الشافعي إني لأرى خلاف ابن عمر عليكم خفيفا لرأي أنفسكم لا بل لا نعلمكم تروون في هذا عن أحد شيئا يخالف قول ابن عمر وإن جاز زلل ابن عمر عندكم وإنما زعمتم أن الحجة في قول أنفسكم فلم تكلفتم الرواية عن غيركم وقد جعلتم أنفسكم بالخيار تقبلون ما شئتم لا حجة.
باب إسراع المشي إلى الصلاة (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي إلى المسجد (قال الشافعي) وكرهتم زعمتم إسراع المشي إلى المسجد فقلت للشافعي نحن نكره الاسراع إلى المسجد إذا أقمت الصلاة (قال الشافعي) فإن كنتم كرهتموه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وائتوها تمشون وعليكم السكينة) فقد أصبتم وهكذا ينبغي لكم في كل أمر لرسول الله فيه سنة فأما أن قياسا قول ابن عمر ويخطئ القياس عليه حجة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر امرأة تحج عن أبيها ورجلا يحج عن أبيه فقال (لا يحج أحد عن أحد) لأن ابن عمر قال (لا يصلي أحد عن أحد) فكيف يجوز لمسلم أن يدع ما يروي رسول الله إلى ما يروى عن غيره ثم يدعه لقياس يخطئ فيه وهو هنا يصيب في ترك ما روي عن ابن عمر إذ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه ثم يزيد فيخرج إلى خلاف ابن عمر معه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الموضع.
باب رفع الأيدي في التكبير سألت الشافعي عن رفع الأيدي في الصلاة فقال يرفع المصلي يديه إذا افتتح الصلاة حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ولا يفعل ذلك في السجود فقلت للشافعي فما الحجة في ذلك؟ فقال أخبرنا هذا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قولنا فقلت فإنا نقول يرفع في الابتداء ثم لا يعود (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع عن الركوع رفعهما كذلك وهو يرى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من لركوع رفعهما كذلك ثم خالفتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمر فقلتم لا يرفع يديه إلا في ابتداء الصلاة وقد رويتم عنهما أنهما رفعا في الابتداء وعند الرفع من الركوع (قال الشافعي) أفيجوز لعالم أن يترك على النبي صلى الله عليه وسلم وابن عمر لرأي نفسه أو على النبي صلى الله عليه وسلم لرأي ابن عمر ثم القياس على قول ابن عمر ثم يأتي موضع آخر ويصيب فيه يترك على ابن عمر لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف لم ينهه بعض هذا عن بعض؟ أرأيت إن جاز له أن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في الصلاة مرتين أو ثلاثا وعن ابن عمر فيه اثنتين ويأخذ بواحدة ويترك واحدة أيجوز لغيره ترك الذي أخذ به وأخذ الذي ترك أو يجوز لغيره تركه عليه؟ (قال الشافعي) لا يجوز له ولا لغيره ترك ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقلت للشافعي فإن صاحبنا قال ما معنى رفع الأيدي (قال