يطوف بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت قال مالك وذلك فيما نرى - والله أعلم - لقول الله جل ثناؤه (ثم محلها إلى البيت العتيق) فمحل الشعائر وانقضاؤها إلى البيت العتيق (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب رد رجلا من مر الظهران لم يكن ودع البيت (قال) وقال مالك من جهل أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت لم يكن عليه شئ إلا أن يكون قريبا فيرجع فلا أنتم عذرتموه بالجهالة فلا تردونه من قريب ولا بعيد ولا أنتم اتبعتم قول عمر وما تأول صاحبكم من القرآن أن الوداع من نسكه فيجعل عليه دما وهو قول ابن عباس (من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما) وهو يقول في مواضع كثيرة بقول ابن عباس وحده (من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما) ثم تتركونه حيث شئتم وتدعونه ومعه عمر وما تأولتم من القرآن.
باب ما جاء في الصيد سألت الشافعي عمن قتل من الصيد شيئا وهو محرم فقال من قتل من دواب الصيد شيئا جزاه بمثله من النعم لأن الله تبارك وتعالى يقول (فجزاء مثل ما قتل من النعم) والمثل لا يكون إلا لدواب الصيد فأما الطير فلا مثل له ومثله قيمته إلا أن في حمام مكة اتباعا للآثار شاة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك أن أبا الزبير حدثه عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة فقلت للشافعي فإنا نخالف ما روينا عن عمر في الأرنب واليربوع فيقول لا يفديان بجفرة ولا بعناق (قال الشافعي) هذا الجهل البين وخلاف كتاب الله عندنا وأمر عمر وأمر عثمان بن عفان وابن مسعود وهم أعلم بمعاني كتاب الله منكم مع أنه ليس في تنزيل الكتاب شئ يحتاج إلى تأويل لأن الله جل ثناؤه إذ حكم في الصيد بمثله من النعم فليس يعدم المثل أبدا فماله مثل من النعم أن ينظر إلى الصيد إذا قتل بأي النعم كان أقرب بها شبها في البدن فدى به وهذا إذا كان كذا فدى الكبير بالكبير والصغير بالصغير أو يكون المثل القيمة كما قال بعض المشرقيين وقولكم لا القيمة ولا المثل من البدن بل هو خارج منهما مع خروجه مما وصفنا من الآثار وتزعمون في كل ما كان فيه ثنية فصاعدا أنه مثل النعم فترفعون وتخفضون فإذا جاء ما دون ثنية قلتم مثل من القيمة وهذا قول لا يقبل من أحد لو لم يخالف الآثار فكيف وقد خالفها وكل ما فدى فإنما القدر قيمته والقيمة تكون قليلة وكثيرة وأقاويلكم فيها متناقضة فكيف تجاوز الثنية التي تجوز ضحية في البقرة فتفديها ويكون يصيد صيدا صغيرا دون الثنية فلا تفديه بصغير دون الثنية (قال الشافعي) فتصيرون إلى قول عمر في النهي عن الطيب قبل الاحرام وتتركون فيه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وتصيرون إلى ترك قوله في كثير وتدعون لقوله ما وصفت من سنن تروونها عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم تخالفون عمر ولا مخالف له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا التابعين بل معه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عثمان وابن مسعود ومن التابعين عطاء وأصحابه (قال الشافعي) وقد جهدت أن أجد أحدا يخبرني إلى أي شئ ذهبتم في ترككم ما رويتم عن عمر في اليربوع والأرنب فما وجدت أحدا يزيدني على أن ابن عمر قال الضحايا والبدن والثني فما فوقه (قال الشافعي) وأنتم أيضا تخالفون في هذا لأن قول ابن عمر لا يعدو أن يكون لا يجيز من الضحايا والبدن إلا الثني فما فوقه فإن كان هذا فأنتم تجيزون الجذعة من الضأن ضحية وإن كان قول ابن عمر أن الثني فما فوقه وفاء ولا يسع ذلك ما دونه