الشاهدين الشهادة إليه وإنما كره إظهار ذلك لئلا يكون القاضي غير عدل فيذهب بأموال الناس. وإذا اصطلح الرجلان على حكم يحكم بينهما فقضى بينهما بقضاء مخالف لرأي القاضي فارتفعا إلى ذلك القاضي فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول ينبغي لذلك القاضي أن يبطل حكمه ويستقبل الحكم بينهما وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول حكمه عليهما جائز (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا اصطلح الرجلان على أن يحكم الرجل بينهما في شئ يتنازعان فيه فحكم لأحدهما على الآخر فارتفعنا إلى القاضي فرأى خلاف ما يرى الحكم بينهما فلا يجوز في هذا إلا واحد من قولين إما أن يكون إذا اصطلحا جميعا على حكمه ثبت القضاء وافق ذلك قضاء القاضي أو خالفه فلا يكون للقاضي أن يرد من حكمه إلا ما يرد من حكم القاضي غيره من خلاف كتاب أو سنة أو إجماع أو شئ داخل في معناه وإما أن يكون حكمه بينهما كالفتيا فلا يلزم واحدا منهما شئ فيبتدئ القاضي النظر بينهما كما يبتدئه بين من لم يحاكم إلى أحد.
باب الصدقة والهبة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا وهبت المرأة لزوجها هبة أو تصدقت أو تركت له من مهرها ثم قالت أكرهني وجاءت على ذلك ببينة فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول لا أقبل بينتها وأمضي عليها ما فعلت من ذلك وكان ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى يقول أقبل بينتها على ذلك وأبطل ما صنعت (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا تصدقت المرأة على زوجها بشئ أو وضعت له من مهرها أو من دين كان لها عليه فأقامت البينة أنه أكرهها على ذلك والزوج في موضع القهر للمرأة أبطلت ذلك عنها كله، وإذا وهب الرجل هبة وقبضها الموهوب له وهي دار فبناها بناء وأعظم النفقة أو كانت جارية صغيرة فأصلحها أو صنعها حتى شبت وأدركت فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول لا يرجع الواهب في شئ من ذلك ولا في كل هبة زادت عند صاحبها خيرا. ألا ترى أنه قد حدث فيها في ملك الموهوبة له شئ لم يكن في ملك الواهب؟ أرأيت إن ولدت الجارية ولذا كان للواهب أن يرجع فيه ولم يهبه له ولم يملكه قط؟ وبهذا يأخذ. وكان ابن أبي ليلى يقول: له أن يرجع في ذلك كله وفي الولد (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا وهب الرجل للرجل جارية أو دارا فزادت الجارية في يديه أو بنى الدار فليس للواهب الذي ذكر أنه وهب للثواب ولم يشترط ذلك أن يرجع في الجارية أي حال ما كانت زادت خيرا أو نقصت كما لا يكون له إذا أصدق المرأة جارية فزادت في يديها ثم طلقها أن يرجع بنصفها زائدة فأما الدار فإن الباني إنما بنى ما يملك فلا يكون له أن يبطل بناءه ولا يهدمه ويقال له إن أعطيته قيمة البناء أخذت نصف الدار والبناء كما يكون لك وعليك في الشفعة يبني فيها صاحبها ولا يرجع بنصفها كما لو أصدقها دارا فبنتها لم يرجع بنصفها لأنه مبنيا أكثر قيمة منه غير مبني ولو كانت الجارية ولدت كان الولد للموهوبة له لأن حادث في ملكه بائن منها كمباينة الخراج والخدمة لها كما لو ولدت في يد المرأة المصدقة ثم طلقت قبل الدخول كان الولد للمرأة ورجع بنصف الجارية إن أراد ذلك، وإذا وهب الرجل جارية لابنه وابنه كبير وهو في عياله فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول لا تجوز إلا أن يقبض وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول إذا كان الولد في عيال أبيه وأن كان قد أدرك فهذه الهبة جائزة وكذلك الرجل إذا وهب لامرأته (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا