الله أنزل كتابا أن يحرم من الرضاع بعشر رضعات ثم نسخن بخمس رضعات وأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهي مما يقرأ من القرآن، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بأن يرضع سالم خمس رضعات يحرم بهن ورويتم عن عائشة وحفصة أمي المؤمنين مثل ما روت عائشة وخالفتموه ورويتم عن ابن المسيب أن المصة الواحدة تحرم فتركتم رواية عائشة ورأيها ورأي حفصة بقول ابن المسيب وأنتم تتركون على سعيد بن المسيب رأيه برأي أنفسكم مع أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما روت عائشة وابن الزبير ووافق ذلك رأي أبي هريرة وهكذا ينبغي لكم أن يكون عندكم العمل (قال الشافعي) أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تحرم المصة ولا المصتان) فقلت للشافعي أسمع ابن الزبير من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم وحفظه عنه وكان يوم توفي النبي ابن تسع سنين.
باب ما جاء في الولاء (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنما الولاء لمن أعتق) (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وبهذا أقول فقلت للشافعي إنا نقول في السائبة ولاؤه للمسلمين وفي النصراني يعتق المسلم ولاؤه للمسلمين (قال الشافعي) وتقولون في الرجل يسلم على يدي الرجل أو يلتقطه أو يواليه لا يكون لواحد من هؤلاء ولاء لأن واحدا من هؤلاء لم يعتق والعتق يقوم مقام النسب ثم تعودون فتخرجون من الحديثين وأصل قولكم فتقولون إذا أعتق الرجل عبده سائبة لم يكن له ولاؤه وإذا أعتق الذمي عبده المسلم لم يكن له ولاؤه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولا يعدو المعتق عبده سائبة والنصراني يعتق عبده مسلما أن يكونا مالكين يجوز عتقهما فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الولاء لمن أعتق) فمن قال لا ولاء لهذين فقد خالف ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج الولاء من المعتق الذي جعله له رسول الله أو يكون كل واحد منهما في حكم من لا يجوز له العتق إذا كانا لا يثبت لهما الولاء فإذا أعتق الرجل عبده سائبة أو النصراني عبده مسلما لم يكن واحد منهما حرا لأنه لا يثبت لهما الولاء وأنتم والله يعاقبنا وإياكم لا تعرفون ما تتركون ولا ما تأخذون فقد تركتم على عمر أنه قال للذي التقط المنبوذ ولاؤه لك وتركتم على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وابن عباس أنها وهبته ولاء سليمان بن يسار وتركتم حديث عبد العزيز بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يسلم على يدي الرجل له ولاؤه وقلتم الولاء لا يكون إلا لمعتق ولا يزول بهبة ولا شرط عن معتق ثم زعمتم في السائبة وله معتق وفي النصراني يعتق المسلم وهو معتق أن لا ولاء لهما فلو أخذتم ما أصبتم فيه بتبصر كان السائبة والنصراني أولى أن تقولوا: ولاء السائبة لمن أعتقه والمسلم للنصراني إذا أعتقه وقد فرقتم بينهما كان ما خالفتموه لما خالف حديث النبي صلى الله عليه وسلم (الولاء لمن أعتق) أولى أن تتبعوه لأن فيه آثارا مما لا أثر فيه.