أمرنا بالأخذ به وكذلك يدل على ما دل عليه ما قبله من نفي أن يجوز فيه إلا ذلك رجال لا نساء معهم لأن شاهدين لا يحتمل بحال أن يكونا إلا رجلين فاحتمل أمر الله عز وجل بالاشهاد في الطلاق والرجعة ما احتمل أمره بالاشهاد في البيوع ودل ما وصفت من أني لم ألق مخالفا حفظت عنه من أهل العلم أن حراما أن يطلق بغير بينة على أنه والله تعالى أعلم دلالة اختيار لا فرض يعصى به من تركه ويكون عليه أداؤه، إن فات في موضعه واحتملت الشهادة على الرجعة من هذا ما أحتمل الطلاق ويشبه أن تكون في مثل معناه لأنهما إذا تصادقا على الرجعة في العدة تثبت الرجعة وإن أنكرت المرأة فالقول قولها كما إذا تصادقا على الطلاق يثبت وإن أنكر الرجل فالقول قوله والاختيار في هذا وفي غيره مما أمر فيه بالشهادة والذي ليس في النفس منه شئ الاشهاد.
باب الشهادة في الدين (قال الشافعي) رحمه الله تعالى قال الله عز وجل (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) الآية والتي بعدها وقال في سياقها (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) الآية فذكر الله عز وجل شهود الزنا وذكر شهود الطلاق والرجعة وذكر شهود الوصية فلم يذكر معهم امرأة فوجدنا شهود الزنا يشهدون على حد لا مال وشهود الطلاق والرجعة يشهدون على تحريم بعد تحليل وتثبيت تحليل لا مال في واحد منهما وذكر شهود الوصية ولا مال للمشهود له أنه وصى ثم لم أعلم أحدا من أهل العلم خالف في أن لا يجوز في الزنا إلا الرجال وعلمت أكثرهم قال ولا في الطلاق ولا الرجعة إذا تناكر الزوجان وقالوا ذلك في الوصية وكان ما حكيت من أكثرهم قال ولا في الطلاق ولا الرجعة إذا تناكر الزوجان وقالوا ذلك في الوصية وكان ما حكيت من أقاويلهم دلالة على موافقة ظاهر كتاب الله عز وجل وكان أولى الأمور أن يصار إليه ويقاس عليه وذكر الله شهود الدين فذكر فيهم النساء وكان الدين أخذ مال من المشهود عليه والأمر على ما فرق الله بينه من الأحكام في الشهادات أن ينظر كل ما شهد به على أحد فكان لا يؤخذ منه بالشهادة نفسها مال وكان إنما يلزم بها حق غير مال أو شهد به لرجل وكان لا يستحق به مالا لنفسه إنما يتسحق به غير مال مثل الوصية والوكالة والقصاص والجد وما أشبه فلا يجوز فيه إلا شهادة الرجال لا يجوز فيه امرأة وينظر كل ما شهد به مما أخذ به المشهود له من المشهود عليه ما لا بتجوز فيه شهادة النساء مع الرجال، لأنه في معنى الموضع الذي أجازهن الله فيه، فيجوز قياسا لا يختلف هذا القول فلا يجوز غيره والله تعالى أعلم، ومن خالف هذا الأصل ترك عندي ما ينبغي أن يلزمه من معنى القرآن، ولا أعلم لأحد خالفه حجة فيه بقياس ولا خبر لازم، وفي قول الله عز وجل (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تصل إحداهما. فتذكر إحداهما الأخرى) دلالة على أن لا تجوز شهادة النساء حيث تجيزهن إلا مع رجل ولا يجوز منهن إلا امرأتان فصاعدا لأن الله عز وجل لم يسم منهن أقل من اثنتين ولم يأمر بهن الله إلا مع رجل.
باب الخلاف في هذا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإن خالفنا أحد فقال إن شهدت امرأتان لرجل حلف معها فقد