أجزأهم وأصل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم تسلف من العباس صدقة عام قبل أن يدخل وأن المسلمين قد قدموا صدقة الفطر قبل أن يكون الفطر فجعلنا الحقوق التي في الأموال قياسا على هذا فأما الأعمال التي على الأبدان فلا تجزي إلا بعد مواقيتها كالصلاة التي لا تجزي إلى بعد الوقت والصوم لا يجزي إلا في الوقت أو قضاء بعد الوقت الحج الذي لا يجزي العبد ولا الصغير من حجة الاسلام لأنهما حجا قبل أن يجب عليهما.
من حلف بطلاق امرأته إن تزوج عليها (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ومن قال لامرأته أنت طالق إن تزوجت عليك فطلقها تطليقة يملك الرجعة ثم تزوج عليها في العدة طلقت بالحنث والطلاق الذي أوقع، وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ثلاثا إن لم أتزوج عليك فسمى وقتا فإن جاء ذلك الوقت وهي زوجته ولم يتزوج عليها فهي طالق ثلاثا ولو أنه طلقها واحدة أو اثنتين ثم جاء ذلك الوقت وهي في عدتها وقعت عليها التطليقة الثالثة وإن لم يوقت وكانت المسألة بحالها فقال أنت طالق ثلاثا إن لم أتزوج عليك فهذا على الأبد لا يحنث حتى يموت أو تموت قبل أن يتزوج عليها وما تزوج عليها من امرأة تشبهها أو لا تشبهها خرج بها من الحنث دخل بها أو لم يدخل ولا يخرجه من الحنث إلا تزويج صحيح يثبت فأما تزويج فاسد فليس بنكاح يخرجه من الحنث وإن ماتت لم يرثها وإن مات هو ورثته لم ترثه في قول من يورث المبتوتة إذا وقع الطلاق في المرض (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: بعد لا ترث المبتوتة وهو قول ابن الزبير (قال الربيع) صار الشافعي إلى قول ابن الزبير وذلك أنهم أجمعوا أن الله عز وجل إنما ورث الزوجات من الأزواج وأنه إن آلى من المبتوتة فلا يكون عليه إيلاء وإن ظاهر فلا ظهار عليه وإن قذفها لم يكن له أن يلاعن ولم يبرأ من الحد وإن ماتت لم يرثها فلما زعموا أنها خارجة في هذه الأشياء من معاني الأزواج وإنما ورث الله تعالى الزوجات لم نورثها والله تعالى الموفق.
الاطعام في الكفارات في البلدان كلها (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ويجزي في كفارة اليمين مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم من حنطة ولا يجزئ أن يكون دقيقا ولا سويقا وإن كان أهل بلد يقتاتون الذرة أو الأرز أو التمر أو الزبيب أجزأ من كل جنس واحد من هذا مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم وإنما قلنا يجزئ هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بعرق تمر فدفعه إلى رجل وأمره أن يطعمه ستين مسكينا والعرق فيما يقدر خمسة عشر صاعا وذلك ستون مدا فلكل مسكين مد. فإن قال قائل: فقد قال سعيد بن المسيب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه خمسة عشر صاعا أو عشرون صاعا قيل فأكثر ما قال ابن المسيب مد وربع أو ثلث وإنما هذا شك أدخله ابن المسيب والعرق كما وصفت كان يقدر على خمسة عشر صاعا والكفارات بالمدينة وبنجد ومصر والقيروان والبلدان كلها سواء ما فرض الله عز وجل على العباد فرضين في شئ واحد قط ولا يجزئ في ذلك إلا مكيلة الطعام وما أرى أن يجزيهم دراهم وإن كان أكثر من قيمة الطعام وما يقتات أهل البلدان من شئ أجزأهم منه مد ويجزئ أهل البادية مد أقط وإن لم يكن