قال (لا ضرر ولا ضرار؟) قال ثم اتبعه في كتابه حديثا كأنه يرى أنه تفسيره (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول صلى الله عليه وسلم قال (لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبه في جداره) قال ثم يقول أبو هريرة مالي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم (قال الشافعي) ثم أتبعهما حديثين لعمر كأنه يراهما من صنفه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا له من العريض فأراد أن يمر به في أرض لمحمد بن سلمة فأبى محمد فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب فدعا بمحمد بن مسلمة وأمره أن يخلي سبيله فقال ابن مسلمة لا فقال عمر لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع؟
تشرب به أولا وآخرا ولا يضرك فقال محمد لا فقال عمر والله ليمرن به ولو على بطنك (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه كان في حائط جده ربيع لعبد الرحمن بن عوف فأراد عبد الرحمن أن يحوله إلى ناحية من الحائط هي أقرب إلى أرضه فمنعه صاحب الحائط فكلم عبد الرحمن عمر فقضى عمر أن يمر به فمر به (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: فرويتم في هذا الكتاب عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا صحيحا ثابتا وحديثين عن عمر بن الخطاب ثم خالفتموها كلها فقلتم في كل واحد منها لا يقضي بها على الناس وليس عليها العمل ولم ترووا عن أحد من الناس علمته خلافها ولا خلاف واحد منها فعمل من تعني تخالف به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي أن يكون ذلك العمل مردودا عندنا وتخالف عمر مع السنة لأنه يضيق خلاف عمر وحده فإذا كانت معه السنة كان خلافه أضيق مع أنك أحلت على العمل وما عرفنا ما تريد بالعمل إلى يومنا هذا وما أرانا نعرفه ما بقينا. والله أعلم.
باب في الأقضية (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فأمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم ثم قال عمر إني أراك تجيعهم والله لأغرمنك غرما يشق عليك ثم قال للمزني كم ثمن ناقتك قال أربعمائة درهم قال عمر أعطه ثمانمائة قال مالك في كتابه ليس عليه العمل ولا تضعف عليهم الغرامة ولا يقضي بها على مولاهم وهي في رقابهم ولا يقبل قول صاحب الناقة فقلت للشافعي بما قال مالك نقول ولا نأخذ بهذا الحديث (قال الشافعي) رحمه الله تعالى:
فهذا حديث ثابت عن عمر يقضي به بالمدينة بين المهاجرين والأنصار (1) فإن خالفه غيره لازم لنا فتدعون لقول عمر السنة والآثار لأن حكمه عندكم حكم مشهور ظاهر لا يكون إلا عن مشورة من أصحاب رسول الله فإذا حكم كان حكمه عندكم قولهم أو قول الأكثر منهم فإن كان كما تقولون فقد حكم بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في ناقة المزني وأنتم تقولون حكمه بالمدينة كالاجماع من عامتهم فإن كان قضاء عمر رحمه الله عندكم كما تقولون فقد خالفتموه في هذا وغيره وإن لم يكن كما تقولون فلا ينبغي أن يظهر منكم خلاف ما تقولون أنتم وأنتم لا تروون عن أحد أنه خالفه فتخالفون بغير