الثلث (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا وهب الرجل في مرضه الهبة فلم يقبضها الموهوبة له حتى مات لم يكن للموهوبة له شئ وكانت للورثة الحجاج بن أرطأة عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة. الأعمش عن إبراهيم قال: الصدقة إذا علمت جازت والهبة لا تجوز إلا مقبوضة وكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يأخذ بقول ابن عباس في الصدقة وهو قول أبي يوسف رحمه الله تعالى (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وليس للواهب أن يرجع في الهبة إلا قبض منها عوضا قل أو كثر.
باب في الوديعة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا استودع الرجل رجلا وديعة فقال المستودع أمرتني أن أدفعها إلى فلان فدفعتها إليه قال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه فالقول قول رب الوديعة والمستودع ضامن وبهذا يأخذ يعني أبا يوسف وكان ابن أبي ليلى يقول القول قول المستودع ولا ضمان عليه وعليه اليمين (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا استودع الرجل الرجل الوديعة فتصادقا عليها ثم قال المستودع أمرتني أن أدفع الوديعة إلى رجل فدفعتها إليه وأنكر ذلك رب الوديعة فالقول قول رب الوديعة وعلى المستودع البينة بما ادعى، وإذا استودع الرجل الرجل وديعة فجاء آخر يدعيها معه فقال المستودع لا أدري أيكما استودعني هذه الوديعة وأبى أن يحلف لهما وليس لواحد منهما بينة فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول يعطيهما تلك الوديعة بينهما نصفين ويضمن لهما أخرى مثلها بينهما لأنه أتلف ما استودع بجهالته. ألا ترى أنه لو قال هذا استودعينها ثم قال أخطأت بل هو هذا كان عليه أن يدفع الوديعة إلى الذي أقر له بها أولا ويضمن للآخر مثل ذلك لأن قوله أتلفه وكذلك الأول إنما أتلفه هو بجهلة وبهذا يأخذ. وكان ابن أبي ليلى يقول في الأول ليس عليه شئ والوديعة والمضاربة بينهما نصفان (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كانت في يدي الرجل وديعة فادعاها رجلان كلاهما يزعم أنها له وهي مما يعرف بعينه مثل العبد والبعير والدار فقال هي لأحدكما ولا أدري أيكما هو قيل لهما هل تدعيان شيئا غير هذا بعينه؟ فإن قالا لا وقال كل وحد منهما هو لي أحلف بالله لا يدري لأيهما هو ووقف ذلك لهما جميعا حتى يصطلحا فيه أو يقيم كل واحد منهما البينة على صاحبه أنه له دونه أو يحلفا فإن نكل أحدهما وحلف الآخر كان له وإن نكلا معا فهو موقوف بينهما. وفيها قول آخر يحتمل وهو أن يحلف الذي في يديه الوديعة ثم تخرج من يديه ولا شئ عليه غير ذلك فتوقف لهما حتى يصطلحا عليه ومن قال هذا القول قال هذا شئ ليس في أيديهما فأقسمه بينهما والذي هو في يديه يزعم أنه لأحدهما لا لهما، وإذا استودع الرجل وديعة فاستودعها المستودع غيره فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول هو ضامن لأنه خالف وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول لا ضمان عليه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا أودع الرجل الرجل الوديعة فاستودعها غيره ضمن إن تلفت لأن المستودع رضي بأمانته لا أمانة غيره ولم يسلطه على أن يودعها غيره وكان متعديا ضامنا إن تلفت، وإذا مات الرجل وعليه دين معروف وقبله وديعة بغير عينها فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول جميع ما ترك بين الغرماء وصاحب الوديعة بالحصص وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول هي للغرماء وليس لصاحب الوديعة لأن الوديعة شئ مجهول ليس بشئ بعينه وقال أبو حنيفة فإن كانت الوديعة بعينها فهي لصاحب