أنهم زعموا أنه لا يلحق ولد الأمة بحال إلا بدعوة حادثة ثم قالوا إن أقر بولد جارية ثم حدث بعد أولاد ثم مات ولم يدعهم ولم ينفهم لحقوا به وكان الذي اعتدوا في هذا أن قالوا القياس أن لا يلحق ولكنا استحسنا (قال الشافعي) إذا تركوا القياس فجاز لهم فقد كان لغيرهم ترك القياس حيث قاسوا والقياس حيث تركوا وترك القياس عندنا لا يجوز وما يجوز في ولد الأمة إلا واحد من قولين إما قولنا وإما لا يلحق به إلا بدعوة فيكون لو حصن سرية وأقر بولدها ثم ولدت بعد عشرة عنده ثم مات ولم تقم بينة باعتراف بهم نفوا معا عنه.
باب فيمن أحيا أرضا مواتا سألت الشافعي عمن أحيا أرضا مواتا فقال إذا لم يكن للموات مالك فمن أحيا من أهل الاسلام فهو له دون غيره ولا أبالي أعطاه إياه السلطان أو لم يعطه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه وإعطاء النبي صلى الله عليه وسلم أحق أن يتم لمن أعطاه من عطاء السلطان فقلت فما الحجة فيما قلت؟ قال ما رواه مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن بعض أصحابه (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق) (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال من أحيا أرضا ميتة فهي له (قال الشافعي) وأخبرنا سفيان وغيره بإسناد غير هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه (قال الشافعي) وبهذا نأخذ وعطية رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيا أرضا مواتا أنها له أكثر له من عطية الوالي، فقلت للشافعي فإنا نكره أن يحيى الرجل أرضا ميتة إلا بإذن الوالي (قال الشافعي) رحمه الله فكيف خالفتم ما رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمر وهذا عندكم سنة وعمل بعدهما وأثبتم للوالي أن يعطي وليس للوالي أن يعطي أحدا ما ليس له ولا يمنعه ماله ولا على أحد حرج أن يأخذ ماله وإذا أحيا أرضا ميتة فقد أخذ ماله ولا دافع عنها فيقال للرجل فيما لا دافع عنه وله أخذه لا تأخذ إلا بإذن سلطان فإن قال قائل (1) للرجل فيما لا بد للسلطان أن يكشف أمره فهو لا يكشف إلا وهو معه خصم والظاهر عنده أنه لا مالك لها فإذا أعطاها رجلا، ثم جاءه من يستحقها دونه ردها إلى مستحقها وكذلك لو أخذها وأحياها بغير إذنه فلا أثبتم للسلطان فيها معنى إنما كان له معنى لو كان إذا أعطاه لم يكن لأحد استحقها أخذها من يديه فأما ما كان لأحد لو استحقها بعد إعطاء السلطان إياها أخذها من يديه فلا معنى له إلا بمعنى أخذ الرجل إياها لنفسه (قال الشافعي) وهذا التحكم في العلم تدعون ما تروون عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمر لا يخالفهما أحد علمناه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لرأيكم وتضيقون على غيركم أوسع من هذا، فقلت للشافعي فهل خالفك في هذا غيرنا؟
فقال ما علمت أحدا من الناس خالف في هذا غيركم وغير من رويتم هذا عنه إلا أبا حنيفة فإني أراكم سمعتم قوله فقلتم به ولقد خالفه أبو يوسف فقال فيه مثل قولنا وعاب قول أبي حنيفة بخلاف السنة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ومما في معنى ما خالفتم فيه ما رويتم فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمن بعده لا مخالف له أن مالكا أخبرنا عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم