شئ رويتموه عن غيره ولا أسمعكم إلا وضعتم أنفسكم موضعا تردون وتقبلون ما شئتم على غير معنى ولا حجة فإن كان يجوز أن يعمل بخلاف قضاء عمر فكيف لم تجيزوا لغيركم ما أجزتم لأنفسكم وكيف أنكرنا وأنكرتم على من خالف قول عمر والواحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا؟
باب في الأمة تغر بنفسها (قال الشافعي) أخبرنا مالك أنه بلغه أن عمر أو عثمان قضى أحدهما في أمة غرت بنفسها رجلا فذكرت أنها حرة فولدت أولادا فقضى أن يفدي ولده بمثلهم قال مالك وذلك يرجع إلى القيمة قلت للشافعي فنحن نقول بقول مالك (قال الشافعي) فرويتم هذا عن عمر أو عثمان ثم خالفتم أيهما قاله ولم نعلمكم رويتم عن أحد من الناس خلافه ولا تركه بعمل ولا إجماع ادعاه فلم تركتم هذا ولم ترووا عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خلافه؟ أرأيتم إذا اتبعتم عمر في أن في الضبع كبشا وفي الغزال عنزا وقيمتهما تخالف قيمة الضبع والغزال فقلتم البدن قريب من البدن فكيف لم تتبعوا قول عمر أو عثمان في مثلهم في البدن كما جعلتم المثل في هذين الموضعين بالبدن؟
باب القضاء في المنبوذ (قال الشافعي) رحمه الله أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سنين أبي جميلة رجل من بني سليم أنه وجد منبوذا في زمان عمر بن الخطاب فجاء به إلى عمر فقال ما حملك على أخذ هذه النسمة؟
قال وجدتها ضائعة فأخذتها فقال له عريفه يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح فقال أكذلك؟ قال نعم فقال عمر اذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا في المنبوذ أنه حر وأن ولاءه للمسلمين فقلت للشافعي فبقول مالك نأخذ (قال الشافعي) تركتم ما روي عن عمر في المنبوذ فإن كنتم تركتموه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الولاء لمن أعتق) فزعمتم أن في ذلك دليلا على أن لا يكون الولاء إلا لمن أعتق ولا يزول عن معتق فقد خالفتم عمر استدلالا بالسنة ثم خالفتم السنة فزعمتم أن السائبة لا يكون ولاؤه للذي أعتقه وهو معتق فخالفتموهما جميعا وخالفتم السنة في النصراني يعتق العبد المسلم فزعمتم أن لا ولاء له وهو معتق وخالفتم السنة في المنبوذ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إنما الولاء لمن أعتق) وهذا نفي أن يكون الولاء إلا لمعتق والمنبوذ غير معتق فلا ولاء له فمن أجمع على ترك السنة والخلاف لعمر فياليت شعري من هؤلاء المجتمعون الذين لا يسمعون فإنا لا نعرفهم والله المستعان ولم يكلف الله أحدا أن يأخذ دينه عمن لا يعرفه ولو كلفه أفيجوز له أن يقبل عمن لا يعرف؟
إن هذه لغفلة طويلة ولا أعرف أحدا يؤخذ عنه العلم يؤخذ عليه مثل هذا في قوله وأجده يترك ما يروى في اللقيط عن عمر للسنة ويدع السنة فيه وفي موضع آخر في السائبة والنصراني يعتق المسلم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وقد خالفنا بعض الناس في هذا فكان قوله أسد توجيها من قولكم قالوا نتبع ما جاء عن عمر في اللقيط لأنه قد يحتمل أن لا يكون خلافا للسنة وأن تكون السنة في المعتق من لا ولاء له ويجعل ولاء الرجل المسلم على يدي الرجل المسلم بحديث عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن