يشهد أن لا إله إلا الله؟) قال بلى ولا شهادة له فقال (أليس يصلي؟) قال بلى ولا صلاة له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (أولئك الذين نهاني الله تعالى عنهم) أخبرنا سفيان عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن أسامة بن زيد قال شهدت من نفاق عبد الله بن أبي ثلاثة مجالس أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوا لا إله إلا الله فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) (قال الشافعي) فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن فرض الله أن يقاتلهم حتى يظهروا أن لا إله إلا الله فإذا فعلوا منعوا دماءهم وأموالهم إلا بحقها يعني إلا بما يحكم الله تعالى عليهم فيها وحسابهم على الله بصدقهم وكذبهم وسرائرهم والله العالم بسرائرهم المتولي الحكم عليهم دون أنبيائه وحكام خلقه وبذلك مضت أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين العباد من الحدود وجميع الحقوق وأعلمهم أن جميع أحكامه على ما يظهرون وأن الله يدين بالسرائر، أخبرنا مالك عن هشام بن عروة وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم العجلاني وهو أحيمر سبط نضو الخلق فقال يا رسول الله رأيت شريك بن السحماء يعني ابن عمه وهو رجل عظيم الأليتين أدعج العينين حاد الخلق يصيب فلانة يعني امرأته وهي حبلى وما قربتها منذ كذا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم شريكا فجحد ودعا المرأة فجحدت فلاعن بينها وبين زوجها وهي حبلى ثم قال (أبصروها فإن جاءت به أدعج عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق عليها وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا قد كذب) فجاءت به أدعج عظيم الأليتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا (إن أمره لبين لولا ما قضى الله) يعني أنه لمن زنا لولا ما قضى الله من أن لا يحكم على أحد إلا بإقرار أو اعتراف على نفسه لا يحل بدلالة غير واحد منهما وإن كانت بينة، وقال (لولا ما قضى الله لكان لي فيهما قضاء غيره) ولم يعرض لشريك ولا للمرأة والله أعلم وأنفذ الحكم وهو يعلم أن أحدهما كاذب ثم علم بعد أن الزوج هو الصادق (قال الشافعي) أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع عن عبد الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير بن عبد يزيد أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة المزنية البتة ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني طلقت امرأتي سهيمة البتة والله ما أردت إلا واحدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لركانة (والله ما أردت إلا واحدة؟) فقال ركانة والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه النبي صلى الله عليه وسلم فطلقها الثانية في زمان عمر والثالثة في زمان عثمان رضي الله عنهما (قال الشافعي) وفي جميع ما وصفت ومع غيره مما استغنيت بما كتبت عنه مما فرض الله تعالى على الحكام في الدنيا دليل على أن حراما على حاكم أن يقضى أبدا على أحد من عباد الله إلا بأحسن ما يظهر وأخفه على المحكوم عليه وإن احتمل ما يظهر منه غير أحسنه كانت عليه دلالة بما يحتمل ما يخالف أحسنه وأخفه عليه أو لم تكن لما حكم الله في الأعراب الذين قالوا آمنا وعلم الله الايمان لم يدخل في قلوبهم وما حكم الله تعالى به في المنافقين الذين أعلم الله أنهم آمنوا ثم كفروا وأنهم كذبة بما أظهروا من الايمان وبما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين حين وصف قبل أن تلد إن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق فجاء به على الوصف الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم لزوجها فلا أراه إلا قد صدق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن أمره لبين) أي لقد زنت وزنى بها شريك الذي رماه زوجها بالزنى ثم لم يجعل الله إليهما سبيلا إذا لم يقرا ولم تقم عليهما بينة وأبطل في حكم الدنيا عليهما استعمال الدلالة التي لا يوجد في الدنيا دلالة بعد دلالة الله على المنافقين
(٣١١)