تعالى: إذا ضاع الثوب عند الخياط أو الغسال أو الصباغ أو أجير أمر ببيعه أو حمال استؤجر على تبليغه وصاحبه معه أو تبليغه وليس صاحبه معه من غرق أو حرق أو سرق ولم يجن فيه واحد من الاجراء شيئا أو غير ذلك من وجوه الضيعة فسواء ذلك كله فلا يجوز فيه إلا واحد من قولين أحدهما أن من أخذ أجرا على شئ ضمنه ومن قال هذا قاسه على العارية تضمن وقال إنما ضمنت العارية لمنفعة فيها للمستعير فهو ضامن لها حتى يؤديها بالسلامة وهي كالسلف وقد يدخل على قائل هذا أن يقال له إن العارية مأذون لك في الانتفاع بها بلا عوض أخذه منك المعير وهي كالسلف وهذا كله غير مأذون لك في الانتفاع به وإنما منفعتك في شئ تعمله فيه فلا يشبه هذا العارية وقد وجدتك تعطي الدابة بكراء فتنتفع منها بعوض يؤخذ منك فلا تضمن إن عطبت في يديك وقد ذهب إلى تضمين القصار شريح فضمن قصارا احترق بيته فقال تضمنني وقد احترق بيتي؟ فقال شريح أرأيت لو احترق بيته كنت تترك له أجرتك؟ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا عنه ابن عيينة بهذا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولا يجوز إذا ضمن الصناع إلا هذا وأن يضمن كل من أخذ على شئ أجرا ويخلو ما أخذ عليه الأجر من أن يكون مضمونا والمضمون ضامن بكل حال والقول الآخر أن لا يكون مضمونا فلا يضمن بحال كما لا تضمن الوديعة بحال وقد يروي من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ضمن الغسال والصباغ وقال لا يصلح الناس إلا ذلك أخبرنا بذلك إبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا رضي الله تعالى عنه قال ذلك ويروي عن عمر تضمين بعض الصناع من وجه أضعف من هذا ولم نعلم واحدا منهما يثبت وقد روى عن علي بن أبي طالب أنه كان لا يضمن أحدا من الاجراء من وجه لا يثبت مثله (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وثابت عن عطاء بن أبي رباح أنه قال لا ضمان على صانع ولا على أجير فأما ما جنت أيدي الاجراء والصناع فلا مسألة فيه وهم ضامنون كما يضمن المستودع ما جنت يده والجناية لا تبطل عن أحد وكذلك لو تعدوا ضمنوا (قال الربيع) الذي يذهب إليه الشافعي فيما رأيته أنه لا ضمان على الصناع إلا ما جنت أيديهم ولم يكن يبوح بذلك خوفا من الصناع.
باب الغصب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا اغتصب الرجل الجارية فباعها وأعتقها المشتري فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول البيع والعتق فيها باطل لا يجوز لأنه باع ما لا يملك وأعتق ما لا يملك وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول عتقه جائز وعلى الغاصب القيمة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا اغتصب الرجل الجارية فأعتقها أو باعها ممن أعتقها أو اشتراها شراء فاسدا فأعتقها أو باعها ممن أعتقها فالبيع باطل وإذا بطل البيع لم يجز عتق المبتاع لأنه غير مالك وهي مملوكة للمالك الأول البائع بيعا فاسدا ولو تناسخها ثلاثون مشتريا فأكثر وأعتقها أيهم شاء إذا لم يعتقها البائع الأول فالبيع كله باطل ويترادون لأنه إذا كان بيع المالك الأول الصحيح الملك فاسدا فباعها الذي لا يملكها فلا يجوز بيعه فيها بحال ولا بيع من باع الملك عنه والبيع إذا كان فاسدا لم يملك به ومن أعتق ما لا يملك لم يجز عتقه. وإذا اشترى الرجل الجارية فوطئها ثم اطلع المشتري على عيب كان بها دلسه البائع له فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول ليس له أن يردها بعد الوطئ وكذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب