عرف مكانهم فإن قال قائل ما دل على ذلك؟ قيل فإغارته وأمره بالغارة ومن أغار لم يمتنع من أن يصيب وقوله هم منهم يعني أن لا كفارة فهم أي أنهم لم يحرزوا بالاسلام ولا الدار ولا يختلف المسلمون فيما علمته أن من أصابهم في الغارة فلا كفارة عليه فأما المسلم فحرام الدم حيث كان ومن أصابه إثم بإصابته إن عمده وعليه القود إن عرفه فعمد إلى إصابته والكفارة إن لم يعرفه فأصابه وسبب تحريم دم المسلم غير تحريم دم الكافر الصغير والمرأة لأنهما منعا من القتل بما شاء الله والذي نراه والله تعالى أعلم منعا له أن يتحولا فيصيرا رقيقين أنفع من قتلهما لأنه لا نكاية لهما فيقتلان للنكاية فإرقاقهما أمثل من قتلهما والذي تأول الأوزاعي يحتمل ما تأوله عليه ويحتمل أن يكون كفه عنهم بما سبق في علمه من أنه أسلم منهم طائفة طائعين والذي قال الأوزاعي أحب إلينا إذا لم يكن بنا ضرورة إلى قتال أهل الحصن وإذا كنا في سبعة من أن لا نقاتل أهل حصن غيره وإن لم يكن فيهم مسلمون كان تركهم إذا كان فيهم المسلمون أوسع وأقرب من السلامة من المأثم في إصابة المسلمين فيهم ولكن لو اضطررنا إلى أن نخافهم على أنفسنا إن كففنا عن حربهم قاتلناهم ولم نعمد قتل مسلم فإن أصبناه كفرنا وما لم تكن هذه الضرورة فترك قتالهم أقرب من السلامة وأحب إلى.
ما جاء في أمان العبد مع مولاه قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إذا كان العبد يقاتل مع مولاه جاز أمانه وإلا فأمانه باطل وقال الأوزاعي أمانه جائز أجازه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ولم ينظر كان يقاتل أم لا وقال أبو يوسف في العبد القول ما قال أبو حنيفة ليس لعبد أمان ولا شهادة في قليل ولا كثير ألا ترى أنه لا يملك نفسه ولا يملك أن يشتري شيئا ولا يملك أن يتزوج فكيف يكون له أمان يجوز على جميع المسلمين وفعله لا يجوز على نفسه أرأيت لو كان عبدا كافرا ومولاه مسلم هل يجوز أمانه أرأيت إن كان عبدا لأهل الحرب فخرج إلى دار الاسلام بأمان وأسلم ثم أمن أهل الحرب جميعا هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن كان عبدا مسلما ومولاه ذمي فأمن أهل الحرب هل يجوز أمانه ذلك؟ حدثنا عاصم بن سليمان عن الفضل بن يزيد قال كنا محاصري حصن قوم فعمد عبد لبعضهم فرمى بسهم فيه أمان فأجاز ذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فهذا عندنا مقاتل على ذلك يقع الحديث وفي النفس من إجازته أمانه إن كان يقاتل ما فيها لولا هذا الأثر ما كان له عندنا أمان قاتل أو لم يقاتل ألا ترى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم) وهو عندنا في الدية إنما هو سواء ودية العبد ليست دية الحر وربما كانت ديته لا تبلغ مائة درهم فهذا الحديث عندنا إنما هو على الأحرار ولا تتكافأ دماؤهم مع دماء الأحرار ولو أن المسلمين سبوا سبيا فأمن صبي منهم بعد ما تكلم بالاسلام وهو في دار الحرب أهل الشرك جاز ذلك على المسلمين فهذا لا يجوز ولا يستقيم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى القول ما قال الأوزاعي وهو معنى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وقال أبو يوسف لا يثبت إبطال أمان العبد ولا إجازته أرأيت حجته بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (المسلمون يد واحدة على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم) أليس العبد من المؤمنين ومن أدنى المؤمنين أو رأيت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين أجاز أمان العبد ولم يسأل يقاتل أو لا يقاتل أليس ذلك دليلا على أنه إنما