سمعته يقرأ (والمرسلات عرفا) فقالت يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب؟ فقلت للشافعي فإنا نكره أن يقرأ في المغرب بالطور والمرسلات ونقول يقرأ بأقصر منهما فقال وكيف تكرهون ما رويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله؟ الأمر رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم يخالفه فاخترتم إحدى الروايتين على الأخرى؟ أو رأيتم لو لم أستدل على ضعف مذهبكم في كل شئ إلا أنكم تروون عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ثم تقولون نكرهه ولم ترووا غيره فأقول إنكم اخترتم غيره عن النبي صلى الله عليه وسلم لا أعلم إلا أن أحسن حالكم أنكم قليلوا العلم ضعفاء المذهب.
باب القراءة في الركعتين الأخيرتين سألت الشافعي أتقرأ خلف الإمام أم القرآن في الركعة الأخيرة تسر؟ فقال الشافعي أحب ذلك وليس بواجب عليه فقلت وما الحجة فيه؟ فقال أخبرنا مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك أن عبادة بن نسي أخبره أنه سمع قيس بن الحرث يقول أخبرني عبد الله الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصلى وراء أبي بكر المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) فقلت للشافعي فإنا نكره هذه ونقول ليس عليه العمل لا يقرأ على أثر أم القرآن في الركعة الثالثة بشئ فقال الشافعي وقال سفيان بن عيينة لما سمع عمر بن عبد العزيز بهذا عن أبي بكر الصديق قال إن كنت لعلي غير هذا حتى سمعت بهذا فأخذت به قال فهل تركتم للعمل عمل أبي بكر وابن عمر وعمر بن عبد العزيز؟ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله أنه كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم القرآن وبسورة من القرآن قال وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة الفريضة فقلت للشافعي فإنا نخالف هذا كله ونقول لا يزاد في الركعتين الأخيرتين على أم القرآن (قال الشافعي) هذا خلاف أبي بكر وابن عمر من روايتكم وخلاف عمر بن عبد العزيز من رواية سفيان وقولكم لا يجمع السورتين في الركعتين الأوليين هو خلاف ابن عمر من روايتكم وخلاف عمر من روايتكم لأنكم أخبرتم أن عمر قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى وخلاف غيرهما من رواية غيركم فأين العمل ما نراكم رويتم في القراءة في الصلاة في هذا الباب شيئا إلا خالفتموه فمن اتبعتم ما أراكم قلتم بمعنى نعرفه إذا كنتم تروون عن أحد الشئ مرة فتبنون عليه أيسعكم أن تخالفوهم مجتمعين؟ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر صلى الصبح فقرأ فيها بسورة البقرة في الركعتين كلتاهما. فقلت للشافعي إنا نخالف هذا نقول يقرأ في الصبح بأقل من هذا لأن هذا تثقيل على الناس (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن هشام بن عروة أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة فقلت والله لقد كان إذا يقوم حين يطلع الفجر قال أجل. فقلت للشافعي فإنا نقول لا يقرأ في الصبح بهذا ولا بقدر نصف هذا لأنه تثقيل (قال الشافعي) أخبرنا مالك