الذي ألقى كلمة ظن أولى أن تكون مدخلة ولقلما رأيت بعض من ذهب هذا المذهب يذهب إلا إلى ظن يمكن عليه مثل ما أمكن فيستوي هو وغيره في حجته ويكون اليقين أبدا من روايته ورواية أصحابه عليه وكذلك يكون عليه القياس فما حجة من كان عليه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قطع الله به العذر والقياس والمعقول وقول عوام أهل البلدان من الفقهاء إلا ما وصفت من ظن هو وغيره فيه يستويان ولو كان الظن له دون غيره ما كان الظن وحده يقوم مقامها فكيف إذا كان يمكن غيره فيه مثل ما يمكنه وكان يخالف اليقين من الخبر والقياس فإن قال قائل ما الخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالجنين على العاقلة؟ قيل أخبرنا الثقة (وهو يحيى بن حسان) عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة.
باب الحر إذا جنى على العبد (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال قال أبو حنيفة رضي الله عنه في العبد يقتل خطأ إن على عاقلة القاتل القيمة بالغة ما بلغت إلا أنه لا يجاوز بذلك دية الحر المسلم فينقص من ذلك ما تقطع فيه الكف لأنه لا يكون أحد من العبيد إلا وفي الأحرار من هو خير منه ولا يجاوز بدية الحر وإن كان خيرا فاضلا ما فرض من الديات وقال أهل المدينة لا تحمل عاقلة قاتل العبد من قيمة العبد شيئا وإنما ذلك على القاتل في ماله بالغا ما بلغ إن كانت قيمة العبد الدية أو أكثر من ذلك لأن العبد سلعة من السلع وقال محمد بن الحسن إذا كان العبد سلعة من السلع بمنزلة المتاع والثياب فلا ينبغي أن يكون على عبد قتل عبدا قود لأنه بمنزله سلعة استهلكها فلا قود فيها وذكر أهل المدينة أن في العبد قيمته بالغة ما بلغت وإن كانت القيمة أكثر من ذلك فينبغي إن قتل رجل مولى العبد أن تكون فيه الدية وإن قتل العبد كانت فيه ديتان إذا بلغت عشرين ألفا فيكون في العبد من الدية أكثر مما يكون في سيده (قال الشافعي) رحمه الله تعالى في العبد يقتل فيه قيمته بالغة ما بلغت وهذا يروي عن عمر وعن علي ولو لم يرو عن واحد منهما كانت لنا فيه حجة على من خالفنا فيه بأن يزعم أن فيه قيمته بما بينه وبين أن يبلغ دية الحر فينقصه منها عشرة دراهم فإذا كان العبد يقتل وقيمته تسعة آلاف وتسعمائة وتسعون فلا ينقص عن قاتله منها شئ أنهم اجتمعوا على أنهم إنما يؤدون قيمة في بعير قتل أو متاع استهلك ومتى رأوا رجلا يغرم الأكثر ويجني جناية فيبطل عنه بعضها فأما ما ذهب إليه محمد بن الحسن من أن في الأحرار من هو خير من العبيد أفرأيت خير الأحرار المسلمين عنده وشر المجوس عنده كيف سوى بين دياتهم فإن زعم أن الديات ليست على الخير ولا على الشر وأنها مؤقتات فيؤدي في مجوسي سارق فاسق منقطع الأطراف في السرقة ما يؤدي في خير مسلم على ظهر الأرض فإن كانت حجته وفي الأحرار من هو خير من العبيد حجة فهي عليه في المجوسي قد يكون في العبيد من هو خير من الأحرار لأنهم مسلمون معا والتقوى والخير حيث جعله الله تبارك وتعالى لا يكون كافر أبدا خيرا من مسلم فأما قوله لو قتل رجل مولى العبد فيدخل عليه لو قتل رجل رجلا وبعيره أن عليه أن يؤدي في الحر المسلم المالك للبعير أقل مما يؤدي في البعير فإن كان بهذا يصير البعير خيرا من المسلم فلا ينبغي لأحد أن يزعم أن بهيمة خير من مسلم وإن كان هذا ليس من الخير ولا من الشر في شئ وكانت دية المسلم مؤقتة لا ينقص منها شر الناس ولا يزيد فيها خيرهم وكان من استهلك من شئ من المال ففيه قيمته بالغة ما بلغت فكيف لم يقل هذا في العبيد؟ وكيف إذا