يقصه منه في موضحة إذا كان الكل بالكل فالبعض بالبعض أولى فإن جاز لأحد أن يفرق بينهم جاز لغيره أن يقصه منه في الجراح ولا يقصه منه في النفس ثم جاز لغيره أن يبعض الجراح فيقصه في بعضها ولا يقصه في بعض في الموضع الذي ذكر الله عز وجل فيه القصاص فقال (النفس بالنفس) الآية إلى قوله (والجروح القصاص) وأصل ما يذهب إليه محمد بن الحسن في الفقه أنه لا يجوز أن يقال بشئ من الفقه إلا بخبر لازم أو قياس وهذا من قوله ليس بخبر لازم فيما علمت وضد القياس فأما قول محمد بن الحسن رحمه الله تعالى كيف يكون نفسان تقتل إحداهما بالأخرى ولا تقتل الأخرى بها فلنقص القاتل فإذا كان القاتل ناقص الحرمة لم يكن النقص يمنعه من أن يقتل إذا قتل من هو أعظم حرمة منه والنقص لا يمنع القود وإنما يمنع الزيادة. فإن قال قائل: فأوجدنيه يقول مثل هذا قيل نعم وأعظم منه يزعم أن رجلا لو قتل أباه قتل له ولو قتله أبوه لم يقتل به لفضل الأبوة على الولد وحرمتهما واحدة يزعم أن رجلا لو قتل عبده لم يقتله به ولو قتله عبده قتله به ولو قتل مستأمنا لم يقتل به ولو قتله المستأمن يقتل به.
الرجلان يقتلان الرجل أحدهما ممن يجب عليه القصاص قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى في الصغير والكبير يقتلان الرجل جميعا عمدا إن على الكبير نصف الدية في ماله وعلى الصغير نصف الدية على عاقلته وقال أهل المدينة يقتل الكبير ويكون على الصغير نصف الدية قال محمد بن الحسن. وكيف يقتل الكبير وقد شركه في الدم من لا قود عليه أرأيتم لو أن رجلا قتل نفسه هو ورجل آخر معه أكان على ذلك الرجل القود وقد شركه في دم المقتول نفسه؟ ينبغي لمن قال القول الأول أن يقول هذا أيضا أرأيتم لو أن رجلا وجب عليه القود في قطع يده فقطعت يده وجاء رجل آخر فقطع رجله فمات من القطعين جميعا أيقتل الذي قطع الرجل وقد شركه في الدم حد من حدود الله؟ أرأيتم لو أن رجلا عقره سبع وشجه رجل موضحة عمدا فمات من ذلك كله أيقتل صاحب الموضحة الضارب وقد شركه في الدم من ليس في فعله قود ولا أرش؟ ينبغي لمن قال هذا أن يقول لو أن رجلا وصبيا سرقا سرقة واحدة أنه يقطع الرجل ويترك الصبي وينبغي له أيضا أن يقول لو أن رجلين سرقا من رجل ألف درهم لأحدهما فيها شرك قطع الذي لا شرك له ولا يقطع الذي له الشرك أرأيتم رجلا وصبيا رفعا سيفا بأيديهما فضربا به رجلا ضربة واحدة فمات من تلك الضربة أتكون ضربة واحدة بعضها عمد فيه القود وبعضها خطأ فإن كان ذلك عندكم فأيها العمد وأيها الخطأ؟ أرأيتم إن رفع رجلان سيفا فضربا به أحدهما متعمدين لذلك فمات من تلك الضربة وهي ضربته وضربة صاحبه ولم ينفرد أحدهما بضربة دون صاحبه أيكون في هذا قود ليس في هذا قود إذا أشرك في الدم شئ لا قود فيه ولا تبعيض في شئ من النفس أرأيتم رجلا ضرب رجلا فشجه موضحة خطأ ثم ثنى فشجه موضحة عمدا فمات في مكانه من ذلك جميعا ينبغي في قولكم أن تجعلوا على عاقلته نصف الدية بالشجة الخطأ وتقتلوه بالشجة العمد فيكون رجل واحد عليه في نفس واحدة نصف الدية والقتل وينبغي لكم أن تقولوا لو أن رجلا وجب له على رجل قصاص في شجة موضحة فاقتص منه ثم زاد على حقه متعمدا فمات المقتص منه من ذلك أنه يقتل الذي اقتص بالزيادة التي تعمد أخبرنا عباد بن العوام قال حدثنا هشام بن حسان عن الحسن البصري أنه سئل عن قوم قتلوا رجلا عمدا فيهم مصاب