القاضي بالقود أن يقتله ولو شهد له على امرأة أنه تزوجها بولي ودفع إليها المهر وأشهد على النكاح أن يصيبها، ولو ولدت له جاريته جارية فجحدها فأحلفه القاضي وقضى بابنته جارية له جاز له أن يصيبها، ولو شهد له على مال رجل ودمه بباطل أن يأخذ ماله ويقتله وقد بلغنا أنه سئل عن أشنع من هذا وأكثر فقال فيه بما ذكرنا أنه يلزمه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ثم حكى لنا عنه إنه يقول في موضع آخر خلاف هذا القول يقول لو علمت امرأة أن زوجها طلقها فجحدها وحلف وقضى القاضي بأن تقر عنده لم يسعها أن يصيبها وكان لها إذا أراد إصابتها قتله وهذا القول بعيد عن القول الأول. والقول الأول وخلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يعرفه أهل العلم من المسلمين (قال) فخالفه صاحبه في الزوجة يشهد الرجلان بزور أن زوجها طلقها ففرق الحاكم بينهما فقال لا يحل لاحد الشاهدين أن ينكحها ولا يحل القضاء ما حرم الله (قال) ثم عاد فقال ولا يحل للزوج أن يصيبها فقيل أتكره له ذلك لئلا يقام عليه الحد فنحن نكرهه أم لغير ذلك؟ قال لذلك ولغيره قلنا أي غير، قال قد حكم القاضي فهو يحل لغيره تزويجها وإذا حل لغيره تزويجها حرم عليه هو إصابتها فقيل له أو لبعض من يقول قوله أرأيت قوله يحل لغيره تزويجها يعني من جهل أن حكم القاضي إنما كان بشهادة زور فرأى أن حكمه بحق يحل له نكاحها فهو لا يحرم هذا عليه على الظاهر ويحرم عليه إن علم بمثل ما علم الزوج وكذلك لا يحرم عليه في الظاهر لو نكح امرأة في عدتها وقد قالت له ليست على عدة أم يعني أنه لو علم ما علم الزوج والمرأة أن الشاهدين شهدا بباطل حل له أن ينكحها فهذا الذي عبت على صاحبك خلاف السنة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولا أحفظ عنه في هذا جوابا بأكثر مما وصفت.
الحكم بين أهل الكتاب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: الذي أحفظ من قول أصحابنا وقياسه أنهم لا ينظرون فيما بين أهل الكتاب ولا يكشفونهم عن شئ من أحكامهم فيما بينهم وأنهم لا يلزمون أنفسهم الحكم بينهم إلا أن يتدارءوا هم والمسلمون فإن فعلوا فلا يجوز أن يحكم لمسلم ولا عليه إلا مسلم فهذا الموضع الذي يلزمون أنفسهم النظر بينهم فيه فإذا نظروا بينهم وبين مسلم حكموا بحكم المسلمين لا خلاف في شئ منه بحال، وكذلك لو تدراءوا هم ومستأمن لا يرضى حكمهم أو أهل ملة وملة أخرى لا ترضى حكمهم وإن تداعوا إلى حكامنا فجاء المتنازعون معا متراضين فالحاكم بالخيار إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم وأحب إلينا أن لا يحكم فإن أراد الحكم بينهم قال لهم قبل أن ينظر فيه إني إنما أحكم بينكم بحكمي بين المسلمين ولا أجيز بينكم إلا شهادة العدول المسلمين وأحرم بينكم ما يحرم في الاسلام من الربا وثمن الخمر والخنزير وإذا حكمت في الجنايات حكمت بها على عواقلكم وإذا كانت جناية تكون على العاقلة لم يحكم بها إلا برضا العاقلة فإن رضوا بهذا حكم به إن شاء وإن لم يرضوا لم يحكم فإن رضي بعضهم وامتنع بعض من الرضا لم يحكم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فقال لي قائل ما الحجة في أن لا يحكم بينهم الحاكم حتى يجتمعوا على الرضا ثم يكون بالخيار إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم؟ فقلت له قول الله عز وجل لنبيه (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) الآية (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فإن جاءوك وجاءوك كأنها على المتنازعين لا على بعضهم دون بعض وجعل له الخيار فقال