عليه من قول وعمل، لا يعلم المصالح والمفاسد، والمضار والمنافع التي تصدر من الموارد، كمن يمشي في ظلمات لا يدري ما يضع قدمه عليه، وأما من عرف الموارد فهو على بصيرة واستعداد للمصادر.
وقال (عليه السلام): " لا تكن وليا لله في العلانية، عدوا له في السر " (1).
فإن من أصلح ظاهره عند الخلق وأفسد باطنه عند الخالق، فقد عظم الخلق وحقر الخالق، وهو أسوأ حالا ممن كان عدوا لله في السر والعلانية، فإنه قد أمن الناس من نفاقه.
وقال (عليه السلام): " عز المؤمن في غناه عن الناس " (2).
إن الاستغناء عن الناس والافتقار إلى الله عز وجل شرف الدنيا والآخرة.
وقال (عليه السلام): " القصد إلى الله تعالى بالقلوب أبلغ من اتعاب الجوارح " (3).
من عرف منزلة النفس من البدن، ومرتبة القصد من العمل، أدرك معنى قوله (عليه السلام).
وقال (عليه السلام): " الثقة بالله ثمن لكل غال، وسلم إلى كل عال " (4).
إن الانسان مفطور على حب الكمال، فهمته تحصيل ما هو غال، والوصول إلى ما هو عال، والطبقة النازلة من الناس اعتمادهم على المال والمنال، والطبقة المتوسطة ثقتهم بقوة نفوسهم لما يرونه من قدرتها العجيبة إذا جمعت قواها، فهم يرون أن العقد العضال تنحل بإرادتها القوية بالرياضة، وأنه بهمم الرجال