سيد بريته، والأصفياء من عترته.
أما بعد فقد كان من فضل الله على الأنام، أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال سبحانه:
{وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} (1).
ثم إن محمد بن علي بن موسى يخطب أم الفضل بنت عبد الله المأمون، وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد (عليهما السلام) وهو خمسمائة درهم جيادا، فهل زوجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور؟
قال المأمون: نعم، قد زوجتك يا أبا جعفر أم الفضل ابنتي على الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): نعم قد قبلت ذلك ورضيت به.
فأمر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم من الخاصة والعامة.
قال الريان: ولم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم فإذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضة تشد بالحبال من الإبريسم على عجل مملوة من الغالية، فأمر المأمون أن تخضب لحاء الخاصة من تلك الغالية ثم مدت إلى دار العامة فتطيبوا منها، ووضعت الموائد فأكل الناس، وخرجت الجوائز إلى كل قوم على قدرهم.
فلما تفرق الناس وبقي من الخاصة من بقي، قال المأمون لأبي جعفر (عليه السلام): إن رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه [الذي] فيما فصلته من وجوه قتل المحرم لنعلمه ونستفيده.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): نعم، إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد من ذوات الطير، وكان من كبارها، فعليه شاة، فإن أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، وإذا قتل فرخا في الحل