صحح (عليه السلام) دعوى الإمامة بالنص، ومن جهة أن الإمام حجة الله على عباده صحت دعوى الإمامة بدلالة العلم واستجابة الدعوة، فإن الحجة من الله هو الانسان الكامل، وكمال الانسان بالعلم ونفوذ الإرادة.
والرياسة الإلهية في الدنيا لا تجتمع مع العجز والجهالة، فلا بد أن يكون خليفة الله في خلقه وحجته على عباده لاستكمال العقول وتربية النفوس أعلم الناس، ومستمدا من العليم الذي لا نفاد لكلماته، وباستغراقه في طاعة الله واتباع إرادته لإرادة الله تكون إرادته نافذة، وقدرته قاهرة بإذن الله.
فدلالة الإمام هي العلم واستجابة الدعوة، وهذان الأمران يثبتان مقام الانسان الكامل في العقل والإرادة الذي هو مربي نوع الانسان، وعندما ادعى (عليه السلام) الإمامة وقال في الملأ العام إن دلالتها العلم واستجابة الدعوة، وقد كانت السلطة الحاكمة وحواشيها مترصدين لإبطال دعواه ومع ذلك سكتوا عن مطالبته بإقامة الدليل على مدعاه فإن سكوتهم أقوى شاهد على عجزهم عن معارضته، واعترافهم بأنه العالم الذي عنده جواب كل مسألة، وأنه الوجيه عند الله الذي لا ترد له كل طلبة.
ولما كانت سنة الله على إتمام حجته وإعلاء كلمته أظهر علمه واستجابة دعائه باستدعاء من المأمون، وكذلك يتم الله نوره فيسخر المأمون الذي أراد إطفاء نور الإمام (عليه السلام) ليجمع علماء الأمم وعظماء الملل لمناظرته:
لما قدم علي بن موسى الرضا (عليه السلام) إلى المأمون أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق، ورأس الجالوت، ورؤساء الصابئين، والهربذ الأكبر، وأصحاب زردهشت، وقسطاس الرومي، والمتكلمين يسمع كلامه وكلامهم، فجمعهم الفضل بن سهل، ثم أعلم المأمون باجتماعهم، فقال: أدخلهم