فإن فعلت وإلا ضربت عنقك.
لقد جمع (عليه السلام) بين الانتهاء بنهي الله {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} (1)، وبين القبول بولاية العهد قبولا كان بعينه ردها، حيث قال: وأنا أقبل على أن لا أولي أحدا، ولا أعزل أحدا، ولا أنقض رسما ولا سنة.
فإذا لم يكن له عزل ولا نصب ولا تصرف في أمر كان قبوله كما قال (عليه السلام): قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف (عليه السلام) كان نبيا رسولا، فلما دفعته الضرورة إلى تولى خزائن العزيز، قال له {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} (2) ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول خارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان (3).
ومما يكشف عن نوايا المأمون وما كان عليه الإمام (عليه السلام) من الشدة والحرج، أنه بعدما كتب المأمون بذلك إلى البلدان، وضربت الدنانير والدراهم باسم الإمام (عليه السلام)، وخطب له على المنابر، حضر العيد، فبعث المأمون إلى الرضا (عليه السلام) يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب ليطمئن قلوب الناس ويعرفوا فضله وتقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة، فبعث إليه الرضا (عليه السلام) وقال: قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولي في هذا الأمر، فقال المأمون: إنما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة والجند والشاكرية هذا الأمر فتطمئن قلوبهم ويقروا بما فضلك الله