قال: إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه وقد أمنت سطوتي فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك، فقال الرضا (عليه السلام):
قد نهاني الله تعالى أن ألقي بيدي [إلى] التهلكة، فإن كان الأمر على هذا، فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك على أني لا أولي أحدا ولا أعزل أحدا ولا أنقض رسما ولا سنة وأكون في الأمر من بعيد مشيرا، فرضي منه بذلك وجعله ولي عهده على كراهة منه (عليه السلام) بذلك (1).
استدل (عليه السلام) على بطلان ما اقترحه بأنه إما أن تكون الخلافة لك، وإما أن لا تكون لك، ولا واسطة بين النفي والإثبات، وعلى التقديرين أنت محجوج.
فإن كانت لك فالخلافة الإلهية ليست سلطنة اعتبارية قابلة للنقل إلى الغير، والاختصاص بها بتخصيص من الله، ولا خيرة فيما يختاره الله، وما ألبسه الله لا يمكن خلعه، وإن كانت الخلافة ليست لك فالفاقد لا يكون معطيا.
وبعدما صار المأمون محجوجا في جعل الخلافة له اقترح ولاية العهد، ولم يدر أنه لا يعقل إمكان الفرع بعد استحالة الأصل.
ولما رأى (عليه السلام) عدم اقتناع المأمون بالبرهان أخبره بأنه لا يقدم على اللغو والعبث، فإن قبوله لولاية العهد متوقف على احتمال حياته بعد المأمون، وهو عالم بأنه يخرج من الدنيا قبله.
ولما رأى إصراره أخبره بأنه يعلم ما تخفي الصدور، بأنه يريد إسقاطه عن أعين الناس، بأنه (عليه السلام) لم يزهد في الدنيا، بل زهدت الدنيا فيه، وبعد ذلك يقتله ظلما، فلما خاب المأمون ولم يصل إلى ما نواه بالتطميع توسل بحربة التهديد، وقال: