ولا يمكن استيفاء النكات الدقيقة التي تضمنتها بياناته (صلى الله عليه وآله وسلم)، لذا نكتفي بالإشارة إلى بعضها:
(1) تدل جملة (إني قد تركت) على أن الكتاب والعترة تركة وميراث من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أمته، لأن نسبة النبي إلى أمته نسبة الأب إلى ولده، وذلك أن الانسان موجود مركب من الجسم والروح، ونسبة الروح إلى الجسم نسبة المعنى إلى اللفظ، واللب إلى القشر.
والأب الجسماني واسطة لإفاضة الأعضاء والقوى الجسمانية، والأب الروحاني واسطة لإفاضة القوى والأعضاء الروحانية من العقائد الحقة، والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة.
ولا تقاس الواسطة في إفاضة السيرة الروحانية والصورة العقلانية بالواسطة في إفاضة الصورة المادية والهيئة الجسمانية، كما لا يقاس اللب بالقشر ولا المعنى باللفظ، ولا اللؤلؤ بالصدف.
هذا الأب العظيم للأمة أخبر أمته عن رحيله، وأن ربه تعالى سيدعوه إلى جواره فيجيبه ويفارقهم (كأني قد دعيت فأجبت) وأكد عليهم أن تركتي فيكم وحصيلة عمري وثمرة وجودي، شيئان (كتاب الله، وعترتي).
فالكتاب هو رابط الأمة بربها، والعترة هي رابطة الأمة بنبيها، فانقطاع الأمة